للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُوتِلُوا، وَلِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْوَقْتِ فَرْضُ كِفَايَةٍ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي الْإِكْمَالِ قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْأَذَانَ وَاجِبٌ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى أَهْلِ الْمِصْرِ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْإِسْلَامِ، قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: أَمَّا لِهَذَا الْوَجْهِ فَفَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَهُوَ أَكْثَرُ مَقْصُودِ الْأَذَانِ إذْ «كَانَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إذَا غَزَا فَإِنْ سَمِعَ أَذَانًا أَمْسَكَ وَإِلَّا أَغَارَ» ، فَإِذَا قَامَ بِهِ عَلَى هَذَا وَاحِدٌ فِي الْمِصْرِ وَظَهَرَ الشِّعَارُ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَبَقِيَ الْمَعْنَى الثَّانِي بِتَعْرِيفِ الْأَوْقَاتِ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ الْخِلَافُ فِيهِ عَنْ الْأَئِمَّةِ وَاَلَّذِي اخْتَلَفَ لَفْظُ مَالِكٍ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ فِي إطْلَاقِ الْوُجُوبِ عَلَيْهِ، فَقِيلَ: مَعْنَاهُ وُجُوبُ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ كَمَا فِي غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْوِتْرِ وَغَيْرِهِمَا، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْوُجُوبِ عَلَى الْكِفَايَةِ إذْ مَعْرِفَةُ الْأَوْقَاتِ فَرْضٌ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَقْدِرُ عَلَى مُرَاعَاتِهَا فَقَامَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ عَنْ بَعْضٍ وَتَأَوَّلَ هَذَا قَوْلَ الْآخَرِينَ: سُنَّةً أَيْ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ كَقَوْلِهِمْ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ وَجَزَمَ بِهِ فَانْظُرْهُ وَلَعَلَّهُ هُوَ الْمُرَادُ بِبَعْضِ شُيُوخِهِ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي وُجُوبِهِ فِي الْمِصْرِ خِلَافًا وَجَعَلَ مَحِلَّ الْخِلَافِ، وُجُوبَهُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: " لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا " يُرِيدُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُجْمَعَ النَّاسُ إلَيْهَا كَالْجَوَامِعِ، وَالْمَسَاجِدِ وَكَعَرَفَةَ، وَمِنًى، وَالْعَدَدِ الْكَثِيرِ يَكُونُ فِي السَّفَرِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَكَذَلِكَ إمَامُ الْمِصْرِ يَخْرُجُ إلَى الْجِنَازَةِ فَتَحْضُرُهُ الصَّلَاةُ فَيُصَلِّي بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالْأَذَانُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ سُنَّةٌ لَا تُتْرَكُ، وَهُوَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ حِفْظٌ لِلْأَوْقَاتِ وَلِإِقَامَةِ الْجَمَاعَاتِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: أَذَانُ مَسْجِدَيْنِ مُتَلَاصِقَيْنِ أَوْ مُتَقَارِبَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَوْقَ الْآخَرِ لَا يَكْفِي عَنْهُ فِي الْآخَرِ انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَسْجِدٍ بَيْنَ قَوْمٍ فَتَنَازَعُوا فِيهِ وَاقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فَضَرَبُوا وَسَطَهُ حَائِطًا أَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنُهُمْ وَاحِدًا، وَإِمَامُهُمْ وَاحِدًا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ سَبَّلُوهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانُوا بَنَوْهُ جَمِيعًا، وَقَالَ أَشْهَبُ مِثْلُهُ وَلَا يَجْزِيهِمْ مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ وَلَا إمَامٌ وَاحِدٌ، قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتَسِمُوهُ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُمْ قَدْ ارْتَفَعَ عَنْهُ حِينَ سَبَّلُوهُ فَإِنْ فَعَلُوا فَلَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدَيْنِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِمَامِ حِينَ فَصَلُوا بَيْنَهُمَا بِحَائِزٍ يُبَيِّنُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ انْتَهَى.

وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ: " طَلَبَتْ غَيْرَهَا " سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ.

ص (فِي فَرْضٍ)

ش: اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ السُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ فَإِنَّ الْأَذَانَ لَهَا مَكْرُوهٌ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَأَمَّا غَيْرُ الْفَرَائِضِ فَلَا يُؤَذَّنُ لَهَا، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اتِّفَاقًا، وَحَكَى زِيَادٌ النِّدَاءَ لِلْعِيدَيْنِ، قَالَ ابْنُ نَاجِي إنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الْأَذَانِ فَهُوَ يَنْقُضُ الِاتِّفَاقَ الَّذِي ذَكَرَهُ، وَإِنْ عَنَى بِهِ: " الصَّلَاةَ جَامِعَةً " مَثَلًا فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ فَلَا تَنَاقُضَ انْتَهَى.

ص (وَقْتِيٍّ)

ش: فَلَا يُؤَذَّنُ لِلْفَائِتَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَزِيدُهَا تَفْوِيتًا وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَقَالَ: إنَّ الْأَذَانَ لَهَا مَكْرُوهٌ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: " وَذُكُورَةٌ " وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَا أَذَانَ لِلْفَائِتَةِ إلَّا عَلَى قَوْلٍ شَاذٍّ.

(قُلْتُ) : قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: اُخْتُلِفَ هَلْ يُؤَذَّنُ لِلْفَوَائِتِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: فَقِيلَ: لَا يُؤَذَّنُ لَهَا قَالَهُ أَشْهَبُ، وَهُوَ نَقْلُ الْأَكْثَرِ، وَبِهِ الْفَتْوَى عِنْدَنَا بِأَفْرِيقِيَّةَ، قَالَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَقِيلَ يُؤَذَّنُ لِأُولَى الْفَوَائِتِ حَكَاهُ الْأَبْهَرِيُّ رِوَايَةً عَنْ الْمَذْهَبِ، وَاخْتَارَ إنْ رَجَا اجْتِمَاعَ النَّاسِ لَهَا أَذَّنَ وَإِلَّا فَلَا وَكِلَاهُمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ: الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لِلْفَوَائِتِ، وَالنَّظَرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لِحَدِيثِ: «الْوَادِي قُصُورٌ» انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: " وَقْتِيٍّ " أَنَّ الْأَذَانَ مَطْلُوبٌ وَلَوْ صُلِّيَتْ الصَّلَاةُ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَانْظُرْ هَلْ يَشْمَلُ الْوَقْتَ الضَّرُورِيَّ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْمُخْتَارِ صَرَّحَ صَاحِبُ الطِّرَازِ بِأَنَّهُ إنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>