الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ خَاصًّا بِمَسْأَلَةِ الْجُمُعَةِ، قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَكَذَلِكَ ابْنُ هَارُونَ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(الثَّانِي) : لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ هُنَا هَلْ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ إذَا غَسَلَ الدَّمَ وَأَرَادَ السَّلَامَ أَمْ لَا وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَتَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ أَيْ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ التَّشَهُّدُ وَأَمَّا لَوْ تَقَدَّمَ فَلَا يُعِيدُهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ رَعَفَ بَعْدَ تَشْهَدْهُ لَمْ يُعِدْهُ خِلَافُ نَصِّهَا الْمَقْبُولِ انْتَهَى. يُشِيرُ إلَى قَوْلِهَا السَّابِقِ.
، وَإِذَا رَعَفَ الْمَأْمُومُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ ذَهَبَ فَغَسَلَ الدَّمَ ثُمَّ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ يَتَشَهَّدُ ثَانِيًا وَقَدْ كَانَ تَشَهَّدَ أَوَّلًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ رَعَفَ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ ثُمَّ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَوَّلًا وَأَمَّا لَوْ تَشَهَّدَ أَوَّلًا فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ دُونَ تَشَهُّدٍ وَقَبِلَهُ خَلِيلٌ وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِصَرِيحِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَانَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ يُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ قَوْلَهُ جَارٍ عَلَى أَحَدِ الرِّوَايَتَيْنِ سَجَدَ السُّجُودَ الْقِبْلِيَّ فَإِنَّهُ لَا يَتَشَهَّدُ اكْتِفَاءً بِتَشَهُّدِ الصَّلَاةِ وَكُنْتُ أُجِيبُهُ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَيْسَا سَوَاءً لِقُرْبِ السَّلَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَبَعْدَهُ مِنْ التَّشَهُّدِ فِي الرُّعَافِ لِأَنَّ خُرُوجَهُ وَغَسْلَهُ وَرُجُوعَهُ مَظِنَّةٌ لِلطُّولِ غَالِبًا، (الثَّانِي) هَبْ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ قُصَارَى الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ قَصْدٌ إلَى ذِكْرِ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ فَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ الْمَخْرَجَ الْمَذْهَبَ انْتَهَى. وَلَفْظُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ رَجَعَ فَتَشَهَّدَ هَذَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ تَشَهُّدُهُ قَبْلَ الرُّعَافِ وَلَوْ تَقَدَّمَ أَوْ تَقَدَّمَ مِنْهُ مِقْدَارَ السُّنَّةِ لَسَلَّمَ إذَا رَجَعَ انْتَهَى. وَتَعَقَّبَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَيْضًا كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الشَّيْخَ تَقِيَّ الدِّينِ بْنَ دَقِيقِ الْعِيدِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ: إنَّهُ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ لِأَنَّ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَتَّصِلَ بِالسَّلَامِ وَلَا يَتَرَاخَى عَنْهُ وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ الطَّنْجِيُّ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ وَيَتَشَهَّدُ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ وَعَلَّلَهُ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى قُلْتُ: وَكَذَلِكَ صَرَّحَ صَاحِبُ الطِّرَازِ بِأَنَّهُ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَشَهَّدَ وَعَلَّلَهُ بِمَا تَقَدَّمَ وَأَنَّ السَّلَامَ إنَّمَا شُرِعَ عَقِيبَ التَّشَهُّدِ وَمُتَّصِلًا بِهِ وَتَبِعَ صَاحِبُ الشَّامِلِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفَ فِي التَّوْضِيحِ، وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا يُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ بِالْحَضْرَةِ قَبْلَ انْصِرَافِهِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ أَقْوَى فَإِنَّهُ قَالَ: وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ رَعَفَ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَرَجَعَ فَتَشَهَّدَ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ ثُمَّ سَلَّمَ الْإِمَامُ فِي الْوَقْتِ قَبْلَ انْصِرَافِهِ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ وَيُجْزِئُهُ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْصَرِفُ مَنْ رَعَفَ وَالْإِمَامُ يَتَشَهَّدُ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ حَتَّى يُسَلِّمَ وَهُوَ رَاعِفٌ، قَالَ ابْنُ نَاجِي: وَكُلُّ أَشْيَاخِي يَحْمِلُونَ ذَلِكَ عَلَى التَّفْسِيرِ لِلْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.
. قُلْتُ وَنَحْوُهُ فِي الطِّرَازِ قَالَ: لَوْ أَنَّ هَذَا الْمَأْمُومَ رَعَفَ فَهَمَّ بِأَنْ يَنْصَرِفَ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ فَسَلَّمَ أَجْزَأَهُ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى. وَقَدْ اعْتَرَضَ ابْنُ فَرْحُونٍ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ، قَالَ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا سَلَّمَ الْإِمَامُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ فَيَكُونُ كَلَامُهُ وِفَاقَا انْتَهَى. وَعَزَا فِي الشَّامِلِ التَّقْيِيدَ لِلَّخْمِيِّ. وَكَلَامُهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عِنْدَهُ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَوَّلَ الْمَذْهَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) إذَا رَجَعَ إلَى الصَّلَاةِ رَجَعَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ، قَالَهُ فِي رَسْمِ شَكٍّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنَ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ بِالرُّعَافِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ إلَى تَمَامِ صَلَاتِهِ بِالتَّكْبِيرِ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا بِسَلَامٍ انْتَهَى.
(الْخَامِسُ) هَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ.
وَانْظُرْ لَوْ رَعَفَ الْإِمَامُ قَبْل سَلَامِهِ أَوْ الْفَذُّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ بِنَائِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ الرُّعَافُ بَعْد أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute