للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْحَدَثِ فَإِنْ لَمْ يُطِلْ فِعْلَهُ بَعْدَ الظَّنِّ كَانَ كَالرُّعَافِ وَإِنْ طَالَ فِعْلُهُ أَوْ تَكَلَّمَ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّ هَذَا انْصَرَفَ عَلَى أَنَّ صَلَاتَهُ بَاطِلَةٌ وَالرَّاعِفَ انْصَرَفَ عَلَى أَنَّهُ يَغْسِلُ الدَّمَ ثُمَّ يَبْنِي انْتَهَى قُلْتُ الظَّاهِرُ فِي الْحَدَثِ الْبُطْلَانُ مُطْلَقًا وَلَا يَظْهَرُ لِلْقَوْلِ بِالْبِنَاءِ، وَجْهُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمُحْدِثَ خَرَجَ عَلَى اعْتِقَادِ الْبُطْلَانِ وَلَا يُشْبِهُ مِنْ ظَنَّ أَنَّهُ سَلَّمَ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَلَى اعْتِقَادِ تَمَامِ صَلَاتِهِ وَصِحَّتِهَا، نَعَمْ إنَّمَا يَتَأَتَّى الْقَوْلُ بِالْبِنَاءِ عَلَى مَنْ يُجِيزُ الْبِنَاءَ فِي الْحَدَثِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي فَصْلِ الرُّعَافِ: قَالَ سَحْنُونٌ: وَمَنْ خَرَجَ مِنْ الصَّلَاةِ لِرُعَافٍ ثُمَّ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ وَهُوَ يَغْسِلُ الدَّمَ فَرَفَعَ الشَّكَّ بِالْيَقِينِ فَابْتَدَأَ الْوُضُوءَ فَلَمَّا تَوَضَّأَ ذَكَرَ أَنَّهُ عَلَى وُضُوءٍ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَفَى ابْنُ يُونُسَ كَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ أَصَابَهُ رُعَافٌ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَخَرَجَ يَغْسِلُهُ فَإِذَا هُوَ مَاءٌ فَقَدْ أَبْطَلَ صَلَاتَهُ قَالَ وَلَوْ ذَكَرَ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ حِينَ هَمَّ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا بَنَى عَلَى صَلَاتِهِ انْتَهَى قُلْتُ إذَا عَزَمَ عَلَى رَفْضِ الصَّلَاةِ وَهَمَّ بِالْوُضُوءِ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ نَعَمْ إنْ تَفَكَّرَ قَلِيلًا لَمَا حَصَلَ لَهُ الشَّكُّ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ فَهَذَا يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَمَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ)

ش ذَرَعَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ غَلَبَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ غَلَبَهُ الْقَيْءُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَيَتَمَادَى فِيهَا فَإِنْ خَرَجَ لِغَسْلِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَمَّدَ الْقَيْءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْقَيْءُ طَاهِرًا أَوْ لَمْ يَرُدُّهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ إلَى مَحِلٍّ يُمْكِنُ طَرْحُهُ فَإِنْ كَانَ الْقَيْءُ نَجِسًا بِأَنْ تَغَيَّرَ عَنْ هَيْئَةِ الطَّعَام عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ قَارَبَ أَوْصَافَ الْعُذْرَةِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَإِنْ كَانَ الْقَيْءُ طَاهِرًا وَرَدَّهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ إلَى مَحِلٍّ يُمْكِنُ طَرْحُهُ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا فَفِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ وَأَمَّا إنْ رَدَّهُ طَائِعًا غَيْرَ نَاسٍ فَلَا خِلَافَ فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِ وَلْنَذْكُرْ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامَ الشُّيُوخِ عَلَيْهَا قَالَ فِي آخِرِ بَابِ الرُّعَافِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَمَنْ تَقَيَّأَ عَامِدًا أَوْ غَيْرَ عَامِدٍ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ وَلَا يَبْنِي إلَّا فِي الرُّعَافِ وَحْدَهُ قَالَ فِي الطِّرَازِ الْقَيْءُ فِي الصَّلَاةِ يُخْتَلَفُ فِيهِ مِنْهُ مَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ فِي الْمَشْهُورِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ وَمِنْهُ مَا لَا يُبْطِلُهَا إلَّا إنْ تَعَمَّدَهُ فَالْأَوَّلُ هُوَ مَا كَانَ نَجِسًا مِمَّا خَرَجَ عَنْ صِفَةِ الطَّعَامِ وَالثَّانِي مَا كَانَ طَاهِرًا فَيَخْتَلِفُ فِيهِ الْعَامِدُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْأَكْلِ عَلَى مَا بَيَّنَهُ فِي الْأَكْلِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ وَيُخْتَلَفُ فِي الْقَيْءِ النَّجِسِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ هَلْ يَغْسِلُهُ عَنْهُ وَيَبْنِي فَعِنْد أَشْهَبَ يَبْنِي فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي مُدَوَّنَتِهِ ثُمَّ ذَكَرَ تَوْجِيهَ الْمَشْهُورِ فِي عَدَمِ الْبِنَاءِ فِي غَيْرِ الرُّعَافِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَمَا لَا يَفْسُدُ صِيَامُهُ بِخِلَافِ الَّذِي يَسْتَقِي طَائِعًا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمٍ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَاخْتَلَفَ قَوْلُهُ إنْ رَدَّهُ بَعْدَ فُصُولِهِ فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ يُرِيدُ إنْ رَدَّهُ نَاسِيًا أَوْ مَغْلُوبًا وَأَمَّا إنْ رَدَّهُ طَائِعًا غَيْرَ نَاسٍ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ يُفْسِدُ صَوْمَهُ وَصَلَاتَهُ وَقَدْ قِيلَ إنَّ الْمَغْلُوبَ أَعَذْرُ مِنْ النَّاسِي وَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ الْوُضُوءَ وَإِنْ كَانَ نَجِسًا لِتَغَيُّرِهِ عَنْ حَالِ الطَّعَامِ إلَى حَالِ الرَّجِيعِ أَوْ مَا يُقَارِبُهُ إذْ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ إلَّا مَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مِنْ الْمُعْتَادِ عَلَى الْعَادَةِ بِاتِّفَاقٍ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ بِاخْتِلَافٍ انْتَهَى.

فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ غَلَبَةً فَالْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ صَلَاتَهُ صَحِيحَةٌ وَأَنَّ مَنْ تَعَمَّدَ الْقَيْءَ أَوْ رَدَّهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ طَائِعًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ: وَعَمْدُ قَيْئِهِ وَابْتِلَاعُهُ بَعْدَ فَصْلِهِ مُبْطِلٌ انْتَهَى، وَإِنْ رَدَّهُ غَلَبَةً أَوْ سَهْوًا فَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي فَسَادِ صَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ قَدْ قِيلَ: إنَّ الْمَغْلُوبَ أَعْذَرُ مِنْ النَّاسِي وَيَتَحَصَّلُ أَيْضًا فِي رُجُوعِهِ غَلَبَةً أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>