للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص (وَإِنْ خَفَّ مَعْذُورٌ انْتَقَلَ لِلْأَعْلَى) ش لِأَنَّهُ لَمَّا زَالَ الْعُذْرُ عَنْهُ وَجَبَ أَنْ يَأْتِيَ بِالْأَصْلِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَخَرَجَ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ وَلَا قَائِلَ بِأَنَّهُ يُتِمُّهَا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ لِتَوَقُّفِ بَعْضِ النَّاسِ فِيهِ قَائِلًا: مَنْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ؟ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَانْظُرْ الْجَوَاهِرَ فَإِنَّهُ فَرَّعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي رَسْمٍ يُوصِي لِمُكَاتَبِهِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَعْرِضُ لَهُ الْمَرَضُ فَيُصَلِّي قَاعِدًا ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ فِي الْوَقْتِ هَلْ يُعِيدُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ ص (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ فَاتِحَةٍ قَائِمًا جَلَسَ)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا فَالْمَشْهُورُ الْجُلُوسُ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: اُنْظُرْ كَيْفَ صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْقِيَامِ أَتَى بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِقْدَارَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ خَاصَّةً أَوْ فَوْقَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ الْقِيَامُ مَعَ الْقِرَاءَةِ فَإِذَا عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ أَتَى بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ وَسَقَطَ عَنْهُ مَا بَقِيَ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ يَعْنِي إذَا عَجَزَ عَنْ إتْمَامِ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا وَلَمْ يَعْجِزْ عَنْهَا فِي حَالِ الْجُلُوسِ لِدَوْخَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَأْتِي بِقَدْرِ مَا يُطِيقُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ لِلْبَاقِي وَيَأْتِي بِهِ فِي حَالِ الْجُلُوسِ.

(تَنْبِيهٌ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِيَامُ جُمْلَةً حَتَّى لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا قَامَ لَمْ يَقْدِرْ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجُلُوسِ قَالَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ وَالْقَوْلُ الشَّاذُّ يُصَلِّي قَائِمًا، يُرِيدُ وَلَا يَقْرَؤُهَا فَإِذَا كَانَ فِي الْأَخِيرَةِ جَلَسَ لِيَقْرَأَهَا وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَاتِحَةَ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَالثَّانِي يُخَرَّجُ عَلَى أَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي رَكْعَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ انْتَهَى. كَلَامُ ابْنِ فَرْحُونٍ وَانْظُرْ التَّوْضِيحَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْقَادِرُ عَلَى قِيَامِ الْفَاتِحَةِ دُونَ قِرَاءَتِهَا يَجْلِسُ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَوْ جُلِّهَا يَقُومُ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ سَوَاءٌ فِي رَكْعَةٍ أَوْ فِي أَقَلِّهَا، وَفِي غَيْرِهَا يَجْلِسُ لِيَقْرَأَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا فَالْمَشْهُورُ الْجُلُوسُ فِي تَصَوُّرِهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي إنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ الْقِيَامِ أَوْ الْقِرَاءَةِ سَقَطَ.

(قُلْت) قَدْ صَوَّرَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِ قِيَامِ الْفَاتِحَةِ جَلَسَ لِتَمَامِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ، انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(قُلْت) ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ بَشِيرٍ أَنَّهُ عَجَزَ عَنْ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي حَالِ الْقِيَامِ أَوْ قِرَاءَةِ شَيْءٍ وَيَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ قَدْرَ قِرَاءَتِهَا وَعَلَى قِرَاءَتِهَا فِي حَالِ الْجُلُوسِ فَحُكْمُهُ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي رَكْعَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ قَدْرَ مَا يُمْكِنُهُ إلَّا فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ فَيَجْلِسُ لِيَأْتِيَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ. وَأَمَّا مَنْ قَدَرَ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ قَائِمًا ثُمَّ يُكْمِلُ بَقِيَّتَهَا فِي حَالِ الْجُلُوسِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْقِيَامِ ثُمَّ يَأْتِيَ بِالْبَاقِي جَالِسًا بَلْ إنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يَنْهَضَ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ لِلْقِيَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لِيَأْتِيَ بِالرُّكُوعِ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَكَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَمِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَمِنْ آخِرِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَمِنْ كَلَامِهِ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنَّهُ قَالَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَسْأَلَةِ مَا إذَا خَفَّ الْمَرِيضُ لِحَالَةٍ أَعْلَى مِنْ حَالَتِهِ الْأُولَى: فَإِذَا وَجَدَ الْقَاعِدُ خِفَّةً فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ فَلْيُبَادِرْ إلَى الْقِيَامِ وَإِنْ خَفَّ بَعْدَ فَرَاغِهَا لَزِمَهُ الْقِيَامُ لِلْهُوِيِّ إلَى الرُّكُوعِ وَلَا يَعْتَبِرُ الطُّمَأْنِينَةَ، انْتَهَى.

وَأَمَّا عِبَارَةُ ابْنِ بَشِيرٍ فَأَوَّلُهَا مُشْكِلٌ وَآخِرُهَا يَقْتَضِي مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ لَكِنْ عَجَزَ عَنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ فَيُصَلِّي بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَالْقِصَارِ مِنْ السُّوَرِ أَوْ بِأُمِّ الْقُرْآنِ خَاصَّةً فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ لِكَمَالِ أُمِّ الْقُرْآنِ فَهَهُنَا مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الْجُلُوسِ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أُمَّ الْقُرْآنِ فَرْضٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا فَرْضٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>