للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَاحِدَةُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي اللَّيْلِ قَبْلَ الْفَجْرِ صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَفْصِلَ مَا بَيْنَ الْوَتْرِ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الشَّفْعِ بِسَلَامٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي آخِرِ رَسْمٍ لَمْ يُدْرَكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَخِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ مِنْ أَنَّهُ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ إذَا كَانَ الْأَمْرُ قَدْ طَالَ وَوَجْهُ هَذَا مُرَاعَاةُ قَوْلِ مَنْ يَرَى الْوَتْرَ ثَلَاثًا تِبَاعًا بِغَيْرِ سَلَامٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْفَجْرِ وَرَكَعَ بَعْدَ الْعِشَاءِ لَأَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ عَلَى مَا فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى قَوْلًا وَاحِدًا لِمَا جَاءَ أَنَّهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْفَجْرِ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ انْتَهَى.

(قُلْت) يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ الْأَوْلَى وَالْمُسْتَحَبُّ، وَمَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ عَلَى الْإِجْزَاءِ، فَلَا يَكُونُ خِلَافًا، وَمَا حَكَاهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (إلَّا لِاقْتِدَاءٍ بِوَاصِلٍ)

ش: (تَنْبِيهٌ) إذَا كَانَ الْإِمَامُ مِمَّنْ يُصَلِّي الشَّفْعَ بِالْوَتْرِ وَأَدْرَكَهُ الْمَأْمُومُ فِي الْوَتْرِ فَإِنَّهُ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ سَلَامِهِ قَالَهُ فِي رَسْمٍ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى فَتُجْعَلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لُغْزًا يُقَالُ: شَخْصٌ وَيُصَلِّي الْوَتْرَ قَبْلَ الشَّفْعِ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (وَنَظَرٌ بِمُصْحَفٍ فِي فَرْضٍ وَأَثْنَاءِ نَفْلٍ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ فِي الْمَسْجِدِ فَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ مِنْ مُخْتَصَرِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمْ تَكُنْ الْقِرَاءَةُ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْمُصْحَفِ أَمْرَ النَّاسِ الْقَدِيمَ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ وَأَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمُصْحَفِ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى.

مِنْ تَرْجَمَةِ الدُّعَاءِ وَذِكْرِ اللَّهِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ بَعْدَ فَصْلِ السَّمَاعِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْإِلْحَانِ وَنَقَلَ بَعْضَهُ فِي فَضْلِ الْإِمَامِ وَوَضْعِ الْكَرَاسِيِّ فِي الْمَسْجِدِ، وَنَقَلَ ذَلِكَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي يَنْبَغِي أَنْ تُنَزَّهَ الْمَسَاجِدُ مِنْ كَذَا وَكَذَا وَعَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الْمُصْحَفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّة فِي أَعْلَامِ السَّاجِدِ بِأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمَسَاجِدِ: الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ تَكُنْ الْقِرَاءَةُ فِي الْمُصْحَفِ بِالْمَسْجِدِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْحَجَّاجُ، وَقَالَ: أَكْرَهُ أَنْ يُقْرَأَ فِي الْمُصْحَفِ بِالْمَسْجِدِ وَأَرَى أَنْ يُقَامُوا مِنْ الْمَسَاجِدِ إذَا اجْتَمَعُوا لِلْقِرَاءَةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قُلْت، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْخَلَفُ وَالسَّلَفُ اسْتِحْبَابُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْمِيرِهَا بِالذِّكْرِ، وَفِي الصَّحِيحِ فِي قَضِيَّةِ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقَالَ تَعَالَى {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: ٣٦] ، وَهَذَا عَامٌّ فِي الْمَصَاحِفِ وَغَيْرِهَا انْتَهَى.

(قُلْت) أَمَّا نَقْلُهُ عَنْ السَّلَفِ اسْتِحْبَابَ ذَلِكَ فَمُعَارَضٌ بِنَقْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ الْقَدِيمِ وَمَالِكٌ أَعْلَمُ بِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ السَّلَفُ

ص (وَجَمْعٌ كَثِيرٌ لِنَفْلٍ أَوْ بِمَكَانٍ اُشْتُهِرَ)

ش: يُرِيدُ وَكَذَلِكَ فِي الْأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِالْجَمْعِ لِلنَّافِلَةِ فِيهَا، وَصَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِأَنَّ ذَلِكَ بِدْعَةٌ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ: قَالَ فِي الْكِتَابِ: يُصَلِّي النَّافِلَةَ جَمَاعَةٌ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ مُرَادُهُ: الْجَمْعُ الْقَلِيلُ خُفْيَةً كَثَلَاثَةٍ لِئَلَّا يَظُنَّهُ الْعَامَّةُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ؛ وَلِذَلِكَ أَشَارَ أَبُو الطَّاهِرِ يَعْنِي ابْنَ بَشِيرٍ، وَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>