ثَالِثُهَا إنْ تَأَوَّلَ، وَرَابِعُهَا: إنْ كَانَ وَالِيًا أَوْ خَلِيفَةً لَمْ يُعِيدُوا أَبَدًا، وَخَامِسُهَا: إنْ خَرَجَ فِسْقُهُ عَنْ الصَّلَاةِ أَجْزَأَتْ وَإِلَّا أَبَدًا، وَسَادِسُهَا: لَا إعَادَةَ لِنَفْلِ ابْنِ رَاشِدٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ مَعَ مَالِكٍ وَالْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ حَبِيبٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيّ مِنْ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ: لَا يُعِيدُ مَأْمُومُ عَاصِرِ خَمْرًا انْتَهَى.
وَحَكَى ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ السِّتَّةَ الْأَقْوَالِ ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الَّذِي يَغْتَابُ النَّاسَ كَغَيْرِهِ، فَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ ابْتِدَاءً، وَإِنْ صَلَّى خَلْفَهُ فَفِيهِ الْخِلَافُ كَغَيْرِهِ وَسُئِلَ عَنْهَا شَيْخُنَا الشَّبِيبِيُّ، وَهُوَ جَالِسٌ فِي دَارِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ هَلْ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ بَاطِلَةٌ أَمْ لَا، وَهَلْ هِيَ جُرْحَةٌ فِي إمَامَتِهِ فَيُعْزَلُ أَمْ لَا؟ فَتَوَقَّفَ لِكَثْرَةِ الْغِيبَةِ فِي النَّاسِ، وَرَأَى إنْ هُوَ أَفْتَى بِجُرْحَتِهِ يُؤَدِّي إلَى عَزْلِ أَئِمَّةٍ مُتَعَدِّدِينَ، فَقَالَ لِلسَّائِلِ: تَرَبَّصْ حَتَّى أَنْظُرَ فِيهَا، وَمَا أَدْرِي مَا أَجَابَهُ انْتَهَى.
قَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَأَمَّا الْفَاسِقُ بِجَوَارِحِهِ فَإِنْ عُلِمَ مَنْ عَادَتُهُ التَّلَاعُبُ بِالصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا، وَعَدَمُ الْقِيَامِ بِهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَخْتَلِفَ الْمَذْهَبُ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى بُطْلَانِ صَلَاتِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ عَادَتِهِ التَّلَاعُبُ بِالصَّلَاةِ فَفِي الْمَذْهَبِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: مَشْهُورُهَا: الْإِعَادَةُ فِي الْوَقْتِ، وَقِيلَ: أَبَدًا، وَقِيلَ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَالِي الَّذِي تُؤَدَّى إلَيْهِ الطَّاعَةُ، فَلَا إعَادَةَ حِينَئِذٍ انْتَهَى. وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ.
وَسُئِلَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ يَعْمَلُ الْمَعَاصِيَ هَلْ يَكُونُ إمَامًا؟ فَأَجَابَ أَمَّا الْمُصِرُّ وَالْمُجَاهِرُ، فَلَا وَالْمَسْتُورُ الْمُعْتَرِفُ بِبَعْضِ الشَّيْءِ فَالصَّلَاةُ خَلْفَ الْكَامِلِ أَوْلَى وَخَلْفَهُ لَا بَأْسَ بِهَا.
وَسُئِلَ عَمَّنْ يُعْرَفُ مِنْهُ الْكَذِبُ الْعَظِيمُ أَوْ قَتَّاتٌ كَذَلِكَ هَلْ تَجُوزُ إمَامَتُهُ فَأَجَابَ لَا يُصَلَّى خَلْفَ الْمَشْهُورِ بِالْكَذِبِ وَالْقَتَّاتِ وَالْمُعْلِنِ بِالْكَبَائِرِ، وَلَا يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ، وَأَمَّا مَنْ تَكُونُ مِنْهُ الْهَفْوَةُ وَالزَّلَّةُ، فَلَا يَتْبَعُ عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَعَنْ مَالِكٍ مَنْ هَذَا الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، وَلَيْسَ الْمُصِرُّ وَالْمُجَاهِرُ كَغَيْرِهِ.
وَسُئِلَ هَلْ يُصَلِّي خَلْفَ الْقَاتِلِ؟
فَأَجَابَ: أَمَّا الْمُتَعَمِّدُ فَلَا تَنْبَغِي الصَّلَاةُ خَلْفَهُ، وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ، وَإِنْ تَابَ، وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا إذَا أَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ، وَعُفِيَ عَنْهُ وَحَسُنَتْ تَوْبَتُهُ أَنَّهُ يُصَلِّي خَلْفَهُ، وَإِلَّا فَلَا يُصَلِّي خَلْفَهُ، وَلَا إعَادَةَ إذَا فَعَلَ الْبُرْزُلِيُّ فَالْحُصُولُ مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي إمَامَةِ الْفَاسِقِ خِلَافًا إذَا وَقَعَتْ هَلْ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ أَوْ أَبَدًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا أَوْ لَا إعَادَةَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جُلِّ فَتَاوِيهِمْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ مُتَعَلِّقًا بِالصَّلَاةِ أَوْ لَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِلَافًا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَبْعَدَ فِيهِ الْخِلَافُ انْتَهَى.
، وَقَالَ قَبْلَ هَذَا سُئِلَ التُّونُسِيُّ عَنْ إمَامَةِ مَنْ يَعْمَلُ بِالرِّبَا، وَيَظْلِمُ النَّاسَ، وَهَلْ يُعِيدُ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ أَبَدًا أَوْ لَا فَأَجَابَ: لَا يَنْبَغِي إمَامَةُ مَنْ ذَكَرْت، وَلَا الصَّلَاةُ خَلْفَهُ وَلَهُ مَنْدُوحَةَ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ لِضَرُورَةِ إقَامَتِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا فَإِنْ وَقَعَتْ صَحَّتْ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ بِدْعَتُهُمْ، وَقِيلَ: تُعَادُ، ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِجَوَازِ إخْلَالِهِمْ بِبَعْضِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَعَدَمِ الثِّقَةِ بِخَبَرِهِمْ وَهُنَا لَيْسَ بِبَعِيدٍ فِي الْقِيَاسِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ مَعْنَى مِنْ هَذَا فِي وُلَاةِ الْجَوْرِ.
وَسُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ الظَّاهِرِ الْجُرْحَةِ؟
فَأَجَابَ: الصَّلَاةُ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ، وَهُوَ الْقِيَاسُ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِسْقُهُ مُتَعَلِّقًا بِالصَّلَاةِ مِثْلَ أَنْ يُتَّهَمَ فِي الصَّلَاةِ بِغَيْرِ وُضُوءٍ وَنَحْوِهِ فَالْإِعَادَةُ فِي هَذَا أَبَدًا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا.
وَسُئِلَ عَبْدُ الْمُنْعِمِ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفَ مَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ، وَلَا مَأْمُونٍ؟
فَأَجَابَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ: اسْتِحْبَابُ الْإِعَادَةِ وَعَنْ الْأَبْهَرِيِّ يُعِيدُ أَبَدًا، وَظَاهِرُ الْجُرْحَةِ لَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ لِلنَّاسِ، وَإِنْ رَضَوْهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَهْوِينًا عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي وَتَعْزِيرًا لَهُمْ وَمَتَى صَحَّتْ وِلَايَةُ الْقَاضِي فَالصَّلَاةُ خَلْفَهُ جَائِزَةٌ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرَ الْفِسْقِ مَعْرُوفًا بِالِاسْتِهَانَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى مُضَيِّعًا لِلصَّلَاةِ وَشُرُوطِهَا غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَيْهَا، فَلَا تَجُوزُ إمَامَتُهُ، وَالْإِعَادَةُ أَبَدًا انْتَهَى.
ثُمَّ قَالَ: وَسُئِلَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الصَّلَاةِ خَلْفِ عَاقٍّ وَالِدَيْهِ
فَأَجَابَ: الصَّلَاةُ