للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ الشَّبِيبِيُّ فِي الْمَكْرُوهَاتِ: أَوْ أَقْطَعُ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي إمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَعْرَجِ وَصَاحِبِ السَّلَسِ وَغَيْرِهِمْ، وَمِنْهُ مَسْأَلَةُ مَنْ انْحَنِي لِكِبَرٍ حَتَّى صَارَ كَالرَّاكِعِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ فَنَقَصَ قِيَامُهُ كَثِيرًا، وَقَدْ وَقَعَتْ وَأَجْرَيْنَاهَا عَلَى هَذَا وَجَوَّزَهُ لِي شَيْخُنَا الْإِمَامُ وَاخْتَارَ الْجَوَازَ فِي الْقَضِيَّةِ الْوَاقِعَةِ وَكَانَ يُصَلِّي خَلْفَهُ لِكِبَرِ سِنِّهِ وَصَلَاحِهِ وَقِدَمِ هِجْرَتِهِ فِي الطَّلَبِ انْتَهَى. وَالْمَشْهُورُ أَنَّ إمَامَةَ صَاحِبِ السَّلَسِ مَكْرُوهَةٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَذُو سَلَسٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَذُو سَلَسٍ)

ش: قَالَ سَنَدٌ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ: وَتُكْرَهُ فَإِنْ صَلَّى أَجْزَأَتْهُمْ، قَالَ: كَانَ الْمُسْتَنْكِحُ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ أَمْ لَا ذَكَرَهُ فِي الطَّهَارَةِ، وَذَكَرَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُسْتَنْكِحِ فِي إمَامَتِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ بِالْإِمَامَةِ وَعَدَمِهَا، وَالثَّالِثُ لَا يَؤُمُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَالِحًا مِثْلَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَرَّرَ الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْقُرْحَةِ وَانْظُرْ التَّنْبِيهَاتِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ.

ص (وَإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ)

ش: قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مَا نَصُّهُ: وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَتَقَدَّمُ قَوْمًا فِي الصَّلَاةِ فَيَقُولُ لَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَتَقَدَّمَهُمْ: أَتَأْذَنُونَ، فَقَالَ: لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا، فَقِيلَ لَهُ: وَذَلِكَ أَحَبُّ إلَيْك أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمْ، فَقَالَ: إنْ خَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُهُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ فَلِيَسْتَأْذِنَّهُمْ رُبَّمَا تَقَدَّمَ الْحُرُّ بِقَوْمٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ لَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خَفَّفَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ رَأَى تَرْكَهُ الِاسْتِئْذَانَ أَحْسَنَ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُهُ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ، إذْ قَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَؤُمَّ قَوْمًا إلَّا بِإِذْنِهِمْ» ، وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ مَعَ قَوْمٍ فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ وَهُوَ أَحَقُّ بِالْإِمَامَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُمْ مُقِرُّونَ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ وَالْفَضْلِ وَأَنَّ سُكُوتَهُمْ عَلَى تَقَدُّمِهِ بِهِمْ إذْنٌ مِنْهُمْ لَهُ فِي ذَلِكَ فَاسْتُحْسِنَ أَنْ لَا يَفْسَخَ بِاسْتِئْذَانِهِمْ فِي ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إفْصَاحِهِمْ بِتَقْدِيمِهِ وَتَفْضِيلِهِ فَيَصِيرُ مُتَعَرِّضًا لِثَنَائِهِمْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَكْرَهُهُ فَلَا يَكْتَفِي بِسُكُوتِهِمْ حَتَّى يُصَرِّحُوا لَهُ بِالْإِذْنِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ قَدْ حَصَلَ إمَامًا فِي مَسْجِدٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ بِتَقْدِيمِ أَهْلِهِ إيَّاهُ فَطَرَأَتْ جَمَاعَةٌ فَخَشِيَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَنْ يَكْرَهُ إمَامَتَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْذِنَهُمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَوْ الْمَسْجِدِ أَحَقُّ بِالتَّقَدُّمِ مِنْهُمْ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ جَمَاعَتَهُ أَوْ أَكْثَرَهَا أَوْ ذَا النُّهَى وَالْفَضْلِ مِنْهَا كَارِهُونَ لِإِمَامَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامَةِ بِهِمْ لِمَا رُوِيَ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «خَمْسَةٌ لَا تُجَاوِزُ صَلَاتُهُمْ آذَانَهُمْ» فَذَكَرَ فِيهِمْ الَّذِي يَؤُمُّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَالَ لَأَنْ أَقْرَبَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي إلَى أَنْ تَتَغَيَّرَ نَفْسِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَؤُمَّ قَوْمًا وَهُمْ لِي كَارِهُونَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكْرَهْ إمَامَتَهُ مِنْ جَمَاعَتِهِ إلَّا النَّفَرُ الْيَسِيرُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ التَّقَدُّمِ بِهِمْ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.

، وَقَالَ فِي الْمَدْخَلِ إذَا خَافَ أَنَّ فِي الْجَمَاعَةِ مَنْ يَكْرَهُ إمَامَتَهُ فَتَرْكُهَا إذْ ذَاكَ أَفْضَلُ لَهُ وَهَذَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْكَرَاهَةُ عَلَى مُوجِبٍ شَرْعِيٍّ حَذَرَ أَنْ تَكُونَ كَرَاهَةَ إمَامَتِهِ لِحَظٍّ دُنْيَوِيٍّ أَوْ نَفْسَانِيٍّ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْكَرَاهَةُ شَرْعِيَّةً فَلَا يَتَقَدَّمُ لِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَنَ ثَلَاثًا رَجُلًا أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ وَامْرَأَةً بَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَلَيْهَا سَاخِطٌ وَرَجُلًا سَمِعَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ فَلَمْ يُجِبْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>