وَاحِدٍ بِإِمَامَيْنِ وَيَتْبَعُ كُلَّ إمَامٍ طَائِفَةٌ وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ فَيُشْكِلُ عَلَى كُلِّ طَائِفَةٍ هَلْ يَتْبَعُونَ إمَامَهُمْ أَوْ غَيْرَهُ فِيمَا يَسْمَعُونَ مِنْ التَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ وَصَلَاةُ مَنْ صَلَّى مِمَّنْ صَارَ فِي شَكٍّ هَلْ اتَّبَعَ إمَامَهُ أَوْ غَيْرَهُ فَاسِدَةٌ، وَلَوْ أَيْقَنَ أَنَّهُ اتَّبَعَ إمَامَهُ إلَّا أَنَّهُ فِي شُغْلٍ عَنْ مُرَاعَاةِ ذَلِكَ قَدْ شَغَلَهُ التَّكَلُّفُ فِيهِ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي، وَلِكُلِّ إمَامٍ أَنْ يَتَحَرَّجَ مِنْ هَذَا إنْ تَعَيَّنَ بِفِعْلِهِ فِي فَسَادِهِ لِصَلَاةِ النَّاسِ وَلَكِنْ يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا فَيُصَلِّي قَبْلَ الْآخَرِ، ثُمَّ يُصَلِّي الْآخَرُ إنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ ضِيقٌ مِثْلُ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ، وَكَانَ يُشْكِلُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ وَلْيَنْضَمُّوا إلَى إمَامٍ وَاحِدٍ وَيَنْحَاشُوا إلَى الْمَسْجِدِ الْكَبِيرِ الْقَدِيمِ وَلَا تُدْخِلْ نَفْسَك فِيمَا تَشُكُّ انْتَهَى، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَخَرَجُوا إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثِ) ش تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ لِفَضْلِهَا.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ: تَضْعِيفُ الصَّلَاةِ بِمَسْجِدِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - خَاصٌّ بِالرِّجَالِ، قَالَهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي تَرْغِيبِ النِّسَاءِ فِي الصَّلَاةِ فِي بُيُوتِهِنَّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَنَصُّهُ بَعْدَ «قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُمِّ حُمَيْدٍ امْرَأَةِ أَبِي حُمَيْدٍ صَلَاتُكِ فِي قَعْرِ بَيْتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي حُجْرَتِكِ وَصَلَاتُكِ فِي حُجْرَتِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي دَارِكِ وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ وَصَلَاتُكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِي» وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْنُ خُزَيْمَةَ بَابَ اخْتِيَارِ صَلَاةِ الْمَرْأَةِ فِي حُجْرَتِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي دَارِهَا وَصَلَاتِهَا فِي مَسْجِدِ قَوْمِهَا عَلَى صَلَاتِهَا فِي مَسْجِد النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَعْدِلُ أَلْفَ صَلَاةٍ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاجِدِ» إنَّمَا أَرَادَ بِهِ صَلَاةَ الرِّجَالِ دُونَ صَلَاةِ النِّسَاءِ هَذَا كَلَامُهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انْتَهَى.
ص (وَجَازَ اقْتِدَاءٌ بِأَعْمَى)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي " رَسْمِ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ " مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا لَمْ يَرَ مَالِكٌ بِكَوْنِ الْأَعْمَى إمَامًا رَاتِبًا بَأْسًا مِنْ أَجْلِ أَنَّ حَاسَّةَ الْبَصَرِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَلَا سُنَّتِهَا وَلَا فَضَائِلِهَا، ثُمَّ قَالَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ حَاشَا السَّمْعَ وَالْبَصَرَ فَإِنَّ الْأَصَمَّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَّخَذَ إمَامًا رَاتِبًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْهُو فَيُسَبَّحُ لَهُ فَلَا يَسْمَعُ فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِفْسَادِ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا كُرِهَ أَنْ يُتَّخَذَ الْأَعْمَى إمَامًا رَاتِبًا مَنْ كَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ قَدْ يَتَوَضَّأُ بِمَاءٍ غَيْرِ طَاهِرٍ أَوْ يُصَلِّي بِثَوْبٍ نَجِسٍ، وَأَمَّا نُقْصَانُ الْجَوَارِحِ فَلَهُ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي إمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ، وَقَدْ مَضَى فِي سَمَاعِ زُونَانَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْأَلْغَازِ الْأَعْمَى الَّذِي عَرَضَ لَهُ صَمَمٌ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا تَصِحُّ بِهِ إمَامَتُهُ الْإِمَامَةُ تَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَأْمُومًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَهْتَدِي إلَى أَفْعَالِ الْإِمَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِنْ يُنَبِّهُهُ عَلَى ذَلِكَ هَذَا عَلَى قَوَاعِدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute