قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ مَالِكٌ: يُقَالُ أَوْلَى بِمُقَدَّمِ الدَّابَّةِ صَاحِبُهَا عَبْدُ الْحَقِّ جَاءَتْ هَذِهِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَفْقَهَ أَوْلَى مِنْ طَرِيقِ الْمَعْنَى أَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا، وَكَذَلِكَ صَاحِبُ الدَّارِ أَعْلَمُ بِقِبْلَتِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ فَكَانَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ فِيهَا رَجُلَانِ وَكِلَاهُمَا رَاكِبُهَا فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهَا لِمُقَدَّمِهَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ انْتَهَى. وَيُتَصَوَّرُ النِّزَاعُ فِي ذَلِكَ فِيمَا إذَا اكْتَرَى شَخْصٌ مِنْ صَاحِبِ دَابَّةٍ حَمَلَهُ عَلَيْهَا مَعَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ التَّقَدُّمَ فَيُقَالُ رَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ بِلَا تَأْخِيرٍ)
ش: ذَكَرَ التِّلِمْسَانِيُّ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَرْفُقُ فِي مَشْيِهِ لِيَقُومَ الْإِمَامُ
ص (وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ)
ش: الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَنْطُوقِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهُ وَالتَّقْيِيدِ لَهُ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَدْرَكَ بَعْضَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ لَهُ كَمُدْرِكِ رَكْعَتَيْنِ قَامَ بِتَكْبِيرٍ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ نَاجِي، قَالَ الْمَغْرِبِيُّ اُنْظُرْ قَوْلَهُ قَامَ بِتَكْبِيرٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ قَبْلَ أَنْ يَعْتَدِلَ قَائِمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِمَا فِيمَا تَقَدَّمَ إلَّا فِي الْجِلْسَةِ الْأُولَى فَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِمًا، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَعَرَّضَ لِيُبَيِّنَ هَلْ يُكَبِّرُ أَمْ لَا، وَعَوَّلَ فِي مَا تَقَدَّمَ عَلَى مَحِلِّ التَّكْبِيرِ.
(قُلْت) وَمَا ذَكَرَهُ صَوَابٌ وَلَفْظُ اللَّخْمِيِّ: وَمَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ كَبَّرَ إذَا اسْتَوَى قَائِمًا انْتَهَى. وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ فِي غَيْرِ الثَّانِيَةِ، أَمَّا فِي الْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق: قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ الْقُورِيُّ: وَأَنَا أُفْتِي بِهِ الْقَوْمَ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَيْهِمْ الْأَمْرُ وَيَتَشَوَّشُونَ انْتَهَى.
(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) وَمِثْلُ مُدْرِكِ التَّشَهُّدِ مُدْرِكُ السُّجُودِ فَقَطْ، قَالَ فِيهِ فِي آخِرِ رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ: يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مُدْرِكِ التَّشَهُّدِ الْآخَرِ: إنَّهُ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ إلَّا أَنَّهُ صَحِيحٌ عَلَى قِيَاسِ أَصْلِهِ فِيهَا مِنْ أَنَّهُ جَلَسَ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَوْضِعِ جُلُوسٍ قَامَ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ فَهُوَ تَنَاقُضٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِتَفْرِيقٍ ضَعِيفٍ لَا يَسْلَمُ مِنْ الِاعْتِرَاضِ - وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ - انْتَهَى.
(الثَّانِي) مَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِرَكْعَةٍ وَجَلَسَ مَعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمَسْبُوقِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَهُ، قَالَهُ أَشْهَبُ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَنَصُّهُ وَسُئِلَ عَمَّنْ تَفُوتُهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا صَلَّى مَعَهُ جَلَسَ الْإِمَامُ لِيَتَشَهَّدَ أَيَتَشَهَّدُ مَعَهُ وَهِيَ لَهُ وَاحِدَةٌ؟ قَالَ: نَعَمْ يَتَشَهَّدُ، قَالَ الْقَاضِي وَجْهُ قَوْلِهِ لَمَّا جَلَسَ بِجُلُوسِ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعُ جُلُوسِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» وَجَبَ أَنْ يَتَشَهَّدَ بِتَشَهُّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعُ تَشَهُّدٍ، وَبِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ فَقَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute