للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ إنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ مَنْ يُؤْمَرُ بِالْجُمُعَةِ يُرِيدُ وُجُوبًا وَأَمَّا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الصِّغَارِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الصِّبْيَانِ فَلَيْسَتْ فِي حَقِّهِمْ سُنَّةً وَلَكِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إقَامَتُهَا كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِقَامَةُ مِنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَلَوْ تَرَكُوا الْجُمُعَةَ وَهِيَ عَلَيْهِمْ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا الْعِيدَ بِخُطْبَةٍ وَجَمَاعَةٍ انْتَهَى.

وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ: لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ مَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَيَنْزِلُ إلَيْهَا مَنْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ انْتَهَى.

وَخَرَجَ مِنْهُ الْحَاجُّ بِمِنًى إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ دُخُولُهُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا وَهِيَ لَا تُشْرَعُ لِلْحَاجِّ بِمِنًى قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي مَنَاسِكِهِ: مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَيْسَ عَلَى الْحَاجِّ بِمِنًى صَلَاةُ الْعِيدِ يَوْمَ النَّحْرِ كَمَا يُصَلِّي أَهْلُ الْآفَاقِ، وَإِنَّمَا صَلَاتُهُمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وُقُوفُهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَذَلِكَ حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُغِيرَةِ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ: صَلَاتُهُمْ يَوْمَ النَّحْرِ وُقُوفُهُمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ قَالَ أَشْهَبُ وَلَا أَرَى لِأَهْلِ مِنًى الْمُقِيمِينَ بِهَا مِمَّنْ لَمْ يَحُجَّ أَنْ يُطَوِّلَ الْعِيدَ فِي جَمَاعَةٍ لِبِدْعَةِ ذَلِكَ بِمِنًى وَلَوْ صَلَّاهَا مُصَلٍّ لِنَفْسِهِ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا انْتَهَى.

وَقَالَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ قَالَ مَالِكٌ: وَعَلَى أَهْلِ مَكَّةَ صَلَاةُ الْعِيدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ مِنًى انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ: وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْأُضْحِيَّةَ لَا تُشْرَعُ لِلْحَاجِّ بِمِنًى كَصَلَاةِ الْعِيدِ انْتَهَى.

(وَقَالَ) الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْحَجِّ وَلَا يُجْزِي نَحْرُ الْهَدْيِ إلَّا نَهَارًا بَعْدَ الْفَجْرِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ بِمِنًى وَلَوْ قَبْلَ الْإِمَامِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ مَا نَصُّهُ: وَقْتُ الرَّمْيِ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ.

قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي الْعِيدِ لَمَّا كَانَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ نَاسَبَ أَنْ يَتَوَقَّفَ الذَّبْحُ عَلَى ذَبْحِهِ بِخِلَافِ الْحَجِّ إلَّا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.

وَقَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْفَجْرِ مَا نَصُّهُ: وَقْتُ الرَّمْيِ يَدْخُلُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَكَذَلِكَ الذَّبْحُ إلَّا أَنَّ الرَّمْيَ يُسْتَحَبُّ ضَحْوَةً فَكَذَلِكَ الذَّبْحُ.

وَيُخَالِفُ الْهَدْيُ الْأُضْحِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَلَا تُصَلَّى الْعِيدُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ بِخِلَافِ الْهَدْيِ وَلَا عِيدَ عَلَى أَهْلِ مِنًى انْتَهَى.

وَقَالَ فِي آخِرِ بَابِ الْهَدْيِ: وَالضَّحَايَا مُتَعَلِّقَةٌ بِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْحَاجُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ صَلَاةِ الْعِيدِ انْتَهَى.

فَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا تُشْرَعُ لِلْحَاجِّ بِمِنًى لَا سُنَّةً وَلَا اسْتِحْبَابًا انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ: لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ أَنْ يَؤُمَّ الْعَبْدُ وَلَا الْمُسَافِرُ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا فِي الْعِيدِ وَلَا أَنْ يَسْتَخْلِفَهُمَا الْإِمَامُ فِيهِمَا بَعْدَ إحْرَامِهِمَا؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا الْجُمُعَةُ انْتَهَى.

يَعْنِي بِقَوْلِهِ: لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُؤْمَرَانِ بِهِمَا عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي وَتَقَدَّمَ حُكْمُ إمَامَتِهِمَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْجُمُعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) قَالَ فِي رَسْمِ الْمُحْرِمِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يُسَافِرُ بَعْدَ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُذْرٌ فَقِيلَ: لَهُ فَمَا الْعُذْرُ؟ قَالَ: غَيْرُ شَيْءٍ وَاحِدٍ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَعْنَى مَا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُسَافِرُ بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَكَرِهَ ذَلِكَ لَهُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ إذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ لِشُهُودِ الْعِيدِ بَعْدُ، وَلَوْ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَحَانَتْ الصَّلَاةُ لَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِسَفَرٍ وَيَدَعَ الْخُرُوجَ لِشُهُودِ صَلَاةِ الْعِيدِ انْتَهَى بِلَفْظِهِ.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَعْنَاهُ وَلَفْظِهِ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُعْجِبُنِي السَّفَرُ بَعْدَ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ قَبْلَ صَلَاتِهِ إلَّا لِعُذْرٍ ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ حَرُمَ سَفَرُهُ انْتَهَى.

قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قُلْت الصَّوَابُ حَمْلُ الرِّوَايَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ سُنَّةٌ وَالْجُمُعَةُ فَرْضٌ انْتَهَى.

(قُلْت) وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ يَقْتَضِي إثْمُ مَنْ تَرَكَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجَمْعِ، وَلَمْ أَرَ

<<  <  ج: ص:  >  >>