للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضَّرَرِ: وَلَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ لِلْبُكَاءِ بِالصُّرَاخِ الْعَالِي، أَوْ النَّوْحِ وَالنَّهْيُ فِيهِ قَائِمٌ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَ الدَّفْنِ، أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ، ثُمَّ قَالَ: وَمِنْ مَعْنَى هَذَا مَا يَفْعَلُهُ النِّسَاءُ مِنْ الزَّغْرَتَةِ عِنْدَ حَمْلِ جِنَازَةِ الصَّالِحِ، أَوْ فَرَحٍ يَكُونُ فَإِنَّهُ مِنْ مَعْنَى رَفْعِ النِّسَاءِ الصَّوْتَ، وَأَحْفَظُ لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ الْقَرَوِيِّ أَنَّهُ بِدْعَةٌ يَجِبُ النَّهْيُ عَنْهَا وَتَقَدَّمَ هَذَا فِي الْجَنَائِزِ انْتَهَى.

(فَائِدَةٌ) اجْتِمَاعُ النَّاسِ فِي الْمَوْتِ يُسَمَّى الْمَأْتَمَ بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْمَأْتَمُ فِي الْأَصْلِ مُجْتَمَعُ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فِي الْغَمِّ وَالْفَرَحِ، ثُمَّ خُصَّ بِهِ اجْتِمَاعُ النِّسَاءِ لِلْمَوْتِ وَقِيلَ: هُوَ لِلشَّوَابِّ مِنْ النِّسَاءِ لَا غَيْرَ انْتَهَى. وَفِي الصِّحَاحِ: الْمَأْتَمُ عِنْدَ الْعَرَبِ النِّسَاءُ يَجْتَمِعْنَ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَالْجَمْعُ الْمَآتِمُ وَعِنْدَ الْعَامَّةِ الْمُصِيبَةُ، يَقُولُونَ: كُنَّا فِي مَأْتَمِ فُلَانٍ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: فِي مَنَاحَةِ فُلَانٍ انْتَهَى.

وَأَمَّا الْمَآثِمُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ فَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يَأْثَمُ بِهِ الْإِنْسَانُ، أَوْ هُوَ الْإِثْمُ نَفْسُهُ وَضْعًا لِلْمَصْدَرِ مَوْضِعَ الِاسْمِ وَفِي الْحَدِيثِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ انْتَهَى.

(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ بَابِ مَنْ أَتَاهُ سَهْمٌ غَرْبٌ: إنَّ تَحْرِيمَ النَّوْحِ كَانَ عَقِبَ غَزْوَةِ أُحُدٍ فَلَا يُحْتَجُّ عَلَى إبَاحَتِهِ بِقَوْلِ أُمِّ الرَّبِيعِ يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنِي عَنْ حَارِثَةَ إنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْت وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْت عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ وَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى مُخْتَصَرًا.

وَلَا يُحْتَجُّ أَيْضًا بِمَا وَقَعَ فِي قِصَّةِ حَمْزَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.

ص (وَقِيَامٌ لَهَا)

ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ هُوَ تَصْرِيحٌ بِكَرَاهَةِ الْقِيَامِ لِلْجِنَازَةِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى وَذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ: فَفَهِمَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ فِي حُكْمِ الْقِيَامِ قَوْلَيْنِ: أَحَدَهُمَا أَنَّ وُجُوبَهُ نُسِخَ لِلْإِبَاحَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ نُسِخَ لِلنَّدْبِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَعَلَى هَذَا فَلَا كَرَاهَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَرْوَحَ الْكَرَاهَةَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَمَّا نَهْيُ، أَوْ بِمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الَّذِي أَخَذَ بِهِ مَالِكٌ أَنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى.

(قُلْت) يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيِّ وَمِنْ كَلَامِ سَنَدٍ وَنَصِّ الْأَوَّلِ الْجُلُوسُ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدِهِمَا لِمَنْ مَاتَ بِهِ وَالثَّانِي لِمَنْ يَتْبَعُ فَلَا يَجْلِسُ حَتَّى تُوضَعَ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا: إنَّ جُلُوسَهُ نَاسِخٌ لِقِيَامِهِ وَاخْتَارُوا أَنْ لَا يَقُومَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ: إنَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّوْسِعَةِ، وَأَنَّ الْقِيَامَ فِيهِ أَجْرٌ وَحِكْمَةُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَوْلَى لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ فِيهِ، ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَهُ وَذَكَرَ سَنَدٌ كَلَامَ الْبَاجِيِّ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ وَيَعْضِدُهُ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَفِيهِ اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ وَهَذَا أَمْرٌ فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَضِيَ اسْتِحْبَابَ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الطِّرَازِ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْلِسَ الْمَاشِي قَبْلَ أَنْ تُوضَعَ، وَلَا يَنْزِلَ الرَّاكِبُ حَتَّى تُوضَعَ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ.

ص (وَتَطْيِينُ قَبْرٍ وَتَبْيِيضُهُ وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ، أَوْ تَحْوِيزٌ وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>