وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ قَالَ الدَّمِيرِيُّ نَقَلَ الْوَاقِدِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ وَخَصَّهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَالْهَرَوِيُّ بِالْإِبِلِ لِقَوْلِ حَسَّانٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
وَكَانَ لَا يَزَالُ بِهَا أَنِيسٌ ... خِلَالَ بُيُوتِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ
، وَقِيلَ: يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى الْغَنَمِ، انْتَهَى. قُلْت وَعَلَى مَا قَالَهُ الْهَرَوِيُّ وَابْنُ دُرَيْدٍ مَشَى الْحَرِيرِيُّ فِي دُرَّةِ الْغَوَّاصِ فِي أَوْهَامِ الْخَوَاصِّ فَقَالَ: وَكَذَلِكَ لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ النَّعَمِ وَالْأَنْعَامِ، وَقَدْ فَرَّقَتْ بَيْنَهُمَا الْعَرَبُ فَجَعَلَتْ النَّعَمَ اسْمًا لِلْإِبِلِ خَاصَّةً وَالْمَاشِيَةِ الَّتِي مِنْهَا الْإِبِلُ، وَقَدْ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَجُعِلَتْ الْأَنْعَامُ اسْمًا لِأَنْوَاعِ الْمَاشِيَةِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَدْخَلَ فِيهَا الظِّبَاءَ وَحُمُرَ الْوَحْشِ تَعَلُّقًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ} [المائدة: ١] انْتَهَى. قُلْت، وَظَاهِرُ كَلَامِ الصِّحَاحِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ قَالَ: وَالنَّعَمُ وَاحِدُ الْأَنْعَامِ وَهِيَ الْمَالُ الرَّاعِيَةُ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ هَذَا الِاسْمُ عَلَى الْإِبِلِ، قَالَ الْفَرَّاءُ: وَهُوَ ذَكَرٌ لَا يُؤَنَّثُ يَقُولُونَ هَذَا نَعَمٌ وَارِدٌ وَالْأَنْعَامُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: النَّعَمُ الْإِبِلُ وَالشَّاءُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ جَمْعُهَا أَنْعَامٌ وَأَنَاعِيمُ جَمْعُ الْجَمْعِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ النَّعَمَ اسْمٌ لِلْإِبِلِ وَالشَّاءِ وَسُمِّيَ النَّعَمُ نَعَمًا لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ فِيهِ عَلَى خَلْقِهِ مِنْ النُّمُوِّ وَعُمُومِ الِانْتِفَاعِ مَعَ كَوْنِهَا مَأْكُولَةً، وَلِذَلِكَ وَجَبَتْ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَالنَّعَمُ وَالنَّعْمَةُ وَالنَّعِيمُ وَالنَّعْمَاءُ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ " نَعَمْ "؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ بِهَا يَسُرُّ غَالِبًا فَاشْتُقَّ مِنْهَا أَلْفَاظُ هَذِهِ الْأُمُورِ لِكَوْنِهَا سَارَةَ، وَلَفْظُ الْغَنَمِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ وَالْبَقَرِ مِنْ الْبَقْرِ الَّذِي هُوَ الشَّقُّ؛ لِأَنَّهَا تَبْقُرُ الْأَرْضَ أَيْ تَشُقُّهَا، وَالْجِمَالُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْجَمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَجَمَّلُ بِهَا، انْتَهَى. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (بِمِلْكٍ وَحَوْلٍ كَمُلَا)
ش: أَيْ بِشَرْطِ مِلْكٍ وَحَوْلٍ كَامِلَيْنِ وَاحْتُرِزَ بِالْمِلْكِ الْكَامِلِ مَنْ مِلْكِ الْعَبْدِ وَمَنْ فِيهِ شَائِبَةُ رِقٍّ وَعَدَمُ كَمَالِهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ التَّصَرُّفَ التَّامَّ لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعَهُ لِعَدَمِ شُمُولِ الْعِلَّةِ لِلْمُكَاتَبِ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ مِمَّنْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ انْتِزَاعُ مَالِهِ.
(تَنْبِيهٌ) وَالْمُرَادُ بِالْمِلْكِ أَنْ يَمْلِكَ عَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَيَمُرَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فِي مِلْكِهِ، فَأَمَّا مَنْ مَلَكَ مَاشِيَةً فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا فَإِنَّهُ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا، قَالَ مَالِكٌ: فَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ دِيَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَبَضَهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا قَالَ فِي الطِّرَازِ: هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ وَجَبَتْ دَيْنًا مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ، وَالْحَوْلُ إنَّمَا يُرَاعَى فِي عَيْنِ الْمَاشِيَةِ عَلَى مِلْكِ مَنْ يُزَكِّي عَلَيْهِ فَإِذَا قَبَضَهَا تَعَيَّنَتْ فِي مِلْكِهِ، وَلِأَنَّهُ إذَا مَرَّ السَّاعِي بِأَهْلِ الدِّيَةِ زَكَّى مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُسْقِطُ زَكَاتَهَا.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْجَزَّارِ يَشْتَرِي الْغَنَمَ لِيَذْبَحَهَا فَيَحُولُ حَوْلُهَا عِنْدَهُ: إنَّهُ يُزَكِّيهَا، انْتَهَى. مِنْ الْبِسَاطِيِّ.
(تَنْبِيهٌ) الْحَوْلُ الْكَامِلُ لَا كَلَامَ إنَّهُ شَرْطٌ، وَأَمَّا مِلْكُ النِّصَابِ فَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ سَبَبٌ وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَرَافِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ شَرْطٌ وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُحْتَمِلٌ لَهُمَا إلَّا أَنَّ ذِكْرَهُ مَعَ الْحَوْلِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (لَا مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا تَوَلَّدَ مِنْ الْأَنْعَامِ وَالْوَحْشِ كَمَا إذَا ضَرَبَتْ فَحَوْلُ الظِّبَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute