مِنْ ذَلِكَ أَوْ يُزَكِّي مَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى مَا زَكَّى تَحَرِّيًا، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي النُّكَتِ: إنَّمَا يَفُضُّ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْحِجَارَةِ وَقِيمَةِ مَا فِيهَا مِنْ الْحِلْيَةِ لَا عَلَى وَزْنِ ذَلِكَ فَيَصِيرُ زَكَاتُهُ أَوْلَى عَلَى تَحَرِّي الْوَزْنِ وَفَضِّهِ الثَّمَنَ حِينَ الْمَبِيعِ لَا عَلَى الْوَزْنِ، انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَجِبُ فِي ثَمَنِ الْعَرْضِ زَكَاةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ)
ش: الرِّبْحُ مَا زَادَ مِنْ ثَمَنِ سِلَعِ التِّجَارَةِ عَلَى ثَمَنِهَا الْأَوَّلِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِنَّمَا النَّقْدُ رِبْحٌ وَفَائِدَةٌ وَغَلَّةٌ
ص (وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الرِّبْحَ يُزَكَّى لِحَوْلِ أَصْلِهِ، وَلَوْ كَانَ نَشَأَ عَنْ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ: إمَّا بِأَنْ يَكُونَ اسْتَلَفَ دَنَانِيرَ وَتَجَرَ فِيهَا حَوْلًا، أَوْ اسْتَلَفَ عَرْضًا وَتَجَرَ فِيهِ حَوْلًا أَوْ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِثَمَنٍ فِي ذِمَّتِهِ وَتَجَرَ فِيهِ حَوْلًا، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا أَنَّ حَوْلَ الَّذِي تَسَلَّفَ الدَّنَانِيرَ وَتَجَرَ فِيهَا مَحْسُوبٌ مِنْ يَوْمِ تَسَلَّفَ الدَّنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لَهَا بِالسَّلَفِ وَفِي عَيْنِهَا الزَّكَاةُ وَحَوْلُ رِبْحِ الَّذِي تَسَلَّفَ الْعَرْضَ لِيَتَّجِرَ فِيهِ مَحْسُوبٌ مِنْ يَوْمِ تَجَرَ فِي الْعَرْضِ لَا مِنْ يَوْمِ اسْتَلَفَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْعَرْضَ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ، وَحَوْلُ رِبْحِ الَّذِي اشْتَرَى فَتَجَرَ فِيهِ مَحْسُوبٌ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهُ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ لِلْقُنْيَةِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَتَجَرَ فِيهِ فَهُوَ مَحْسُوبٌ مِنْ يَوْمِ بَاعَهُ، وَقِيلَ مِنْ يَوْمِ نَضَّ ثَمَنُهُ فِي يَدِهِ، انْتَهَى، مِنْ " رَسْمِ أَوْصَى " مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ تَسَلَّفَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً أَقَامَتْ حَوْلًا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ عِوَضٌ لِلْعِشْرِينَ يُوهِمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي السِّلْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ مُرُورُ حَوْلٍ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّ الرِّبْحَ يُزَكَّى لِحَوْلِ الشِّرَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ نَعَمْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرِّبْحَ يُزَكَّى لِحَوْلٍ مِنْ الشِّرَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّ الْبَاجِيَّ وَابْنَ شَاسٍ وَابْنَ رُشْدٍ قَالُوا فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ: رَجُلٌ تَسَلَّفَ عِشْرِينَ دِينَارًا فَبَقِيَ الْمَالُ بِيَدِهِ حَوْلًا ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً أَقَامَتْ عِنْدَهُ حَوْلًا ثُمَّ بَاعَهَا بِأَرْبَعِينَ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ وَالِدِي: وَهَذَا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ لَوْ اشْتَرَى بِهِ مِنْ يَوْمِهِ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَى السِّلْعَةِ كَانَ الْحُكْمُ سَوَاءً، انْتَهَى. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مُرُورَ الْحَوْلِ عَلَى السِّلْعَةِ لَيْسَ شَرْطًا أَيْضًا.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) نَصَّ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ هُنَا لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نِصَابًا فَأَكْثَرَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْأَصْلَ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ وَلَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَلَا تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى أَحَدٍ فِيمَا دُونَ النِّصَابِ، قَالَ فِي " رَسْمِ أَوْصَى " مِنْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ فِيمَنْ تَسَلَّفَ عَرْضًا فَتَجَرَ فِيهِ حَوْلًا ثُمَّ رَدَّ مَا اسْتَسْلَفَ مِنْ ذَلِكَ، وَفَضَلَ لَهُ مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ: إنَّهُ يُزَكِّي هَذِهِ الْفَضْلَةَ، وَقَالَ فِي " رَسْمِ أَوَّلِهِ لَمْ يُدْرَكْ " مِنْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَتَسَلَّفُ مِائَةَ دِينَارٍ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا فَيَشْتَرِي سِلْعَةً فَيَرْبَحُ فِيهَا مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَقَالَ: إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ قَضَى الْمِائَةَ وَزَكَّى مَا بَقِيَ إنْ كَانَ مَا بَقِيَ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute