فِيهِ أَصْلًا، انْتَهَى. وَفُهِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّيهِ بَعْدَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَلَوْ وُهِبَ الدَّيْنُ لِغَيْرِ الْمَدِينِ فَقَبَضَهُ فَفِي تَزْكِيَةِ الْوَاهِبِ قَوْلَانِ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُمَا جَارِيَانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الزَّكَاةِ، هَلْ هِيَ وَاجِبَةٌ فِي الدَّيْنِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهَا خَشْيَةَ عَدَمِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ إنَّمَا تَجِبُ بِالْقَبْضِ، وَإِنَّمَا وُهِبَ الدَّيْنُ لِلْمَدِينِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى الْوَاهِبِ؟ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ لَهُ أَحْوَالٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَوَهَبَهُ لَهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى رَبِّهِ وَلَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ عِنْدَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ وُهِبَ لَهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَرْضٌ سِوَاهُ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ وُهِبَ لَهُ أَوَّلًا، وَقَالَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ زَكَاتُهُ إذَا وُهِبَ لَهُ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُنَا: يُزَكِّيهِ الْوَاهِبُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الدَّيْنِ الْمَوْهُوبِ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي زَكَاةِ وَاهِبِ دَيْنٍ لِغَيْرِ مَدِينِهِ بِقَبْضِهِ وَسُقُوطِهَا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَتُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهَا أَيْ الْهِبَةِ لَا مِنْ غَيْرِهَا ابْنُ مُحْرِزٍ، قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ: إنَّمَا تُؤْخَذُ الزَّكَاةُ مِنْهَا إذَا قَالَ الْوَاهِبُ: أَرَدْت ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَائِعِ الزَّرْعِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ: إنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَالَ أَشْهَبُ بِنَقْضِ الْبَيْعِ فِي حِصَّةِ الزَّكَاةِ يُرِيدُ إذَا عَدِمَ الْبَائِعُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَتَأَمَّلْ مَا حَكَاهُ عَنْ أَشْهَبَ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي زَكَاةِ الْحَرْثِ فَإِنَّهُ حَكَى عَنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ مَاضٍ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِشَيْءٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِيمَنْ وَهَبَ زَرْعَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَهَلْ تَجِبُ الزَّكَاةُ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ مِنْ الزَّرْعِ الْمَوْهُوبِ بَعْدَ يَمِينِ الْوَاهِبِ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ لِيُزَكِّيَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (أَوْ بِإِحَالَةٍ)
ش: وَلَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الْمُحَالِ الدَّيْنَ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَتَجِبُ عَلَى الْمُحِيلِ الزَّكَاةُ بِنَفْسِ الْإِحَالَةِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ لُبَابَةَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ حَتَّى يَقْبِضَهَا وَهُوَ تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ لَا وَجْهَ لَهُ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ التَّوْضِيحِ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي زَكَاةِ الْمُحِيلِ الْمَلِيءِ مَا أَحَالَ بِهِ بِالْحَوَالَةِ أَوْ قَبَضَ الْمُحَالُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ، قَوْلَ أَصْبَغَ: وَضَعَّفَهُ ابْنُ رُشْدٍ، انْتَهَى. وَعَلَى الْمُحَالِ زَكَاتُهَا إذَا قَبَضَهَا أَيْضًا، وَكَذَلِكَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ أَيْضًا عِنْدَ أَدَائِهَا؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَعِنْدَهُ مَالٌ حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَلَا يُعْطِيهِ فِي دَيْنِهِ حَتَّى يُزَكِّيَهُ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَعَلَى تَزْكِيَتِهِ فَهُوَ مَالٌ يُزَكِّيهِ ثَلَاثَةٌ إنْ كَانُوا أَمْلِيَاءَ، انْتَهَى. يَعْنِي الْمُحِيلَ وَالْمُحَالَ بِهِ وَالْمُحَالَ عَلَيْهِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَإِنْ قُلْت: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يُزَكِّيهِ ثَلَاثَةٌ، وَإِنَّمَا يُزَكِّيهِ الْمُحَالُ وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُحِيلُ فَإِنَّمَا يُزَكَّى عَنْهُ فَجَوَابُك أَنَّ مَعْنَى زَكَاةِ الثَّلَاثَةِ أَيْ خُوطِبَ بِزَكَاتِهِ ثَلَاثَةٌ، انْتَهَى. وَلَوْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَلَوْ بِهِبَةٍ أَوْ إحَالَةٍ إشَارَةٌ لِقَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْهِبَةِ، وَتَخْرِيجُ اللَّخْمِيِّ فِي الْحَوَالَةِ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْهِبَةِ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِانْتِفَاعِ الْمُحِيلِ فِي الْحَوَالَةِ، قَالَ: وَنَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ بَشِيرٍ نَصًّا لَا أَعْرِفُهُ، انْتَهَى، فَتَأَمَّلْهُ.
(تَنْبِيهٌ) وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْهِبَةُ وَالْحَوَالَةُ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلٍ وَإِلَّا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْمُحِيلِ زَكَاةٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَمُلَ بِنَفْسِهِ)
ش: كَمَا إذَا اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا دُفْعَةً أَوْ عَشَرَةً بَعْدَ عَشَرَةٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَصْلُهُ نِصَابًا عِشْرُونَ دِينَارًا فَأَخَذَ عَنْهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَصْلُهَا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَأَخَذَ عَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَصْلُ الدَّيْنِ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ وَأَخَذَ عَنْهُ نِصَابًا فَإِنَّهُ يُزَكِّيهِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الرِّبْحَ يُزَكَّى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ، قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ
ص (وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ)
ش: أَيْ الْمُقْتَضِي أَوَّلًا بِإِنْفَاقٍ أَوْ ضَيَاعٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الضَّيَاعِ وَمُقَابِلِهِ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ لَمْ يَضْمَنْهُ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ بَاقِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نِصَابٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْمَوَّازِ وَاسْتَظْهَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute