عِنْدَهُ نِصَابُ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ دَايَنَهُ لِشَخْصٍ فَأَقَامَ عِنْدَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ اقْتَضَاهُ زَكَّاهُ إذْ ذَاكَ، انْتَهَى. وَمَا اقْتَضَاهُ قَبْلَ كَمَالِ الْحَوْلِ لَا يُزَكِّيهِ وَلَا يَضُمُّهُ لِمَا يَقْتَضِيهِ بَعْدَهُ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَا إذَا أَنْفَقَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ أَيْضًا
ص (وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ أَخَّرَهُ فَارًّا فَفِيهَا زَكَاةٌ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ لِكُلِّ عَامٍ، انْتَهَى.
ص (إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ لَا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقُنْيَةِ وَبَاعَهُ لِأَجَلٍ فَلِكُلٍّ)
ش: هَذَا الشَّرْطُ لَا مَحِلَّ لَهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي دَيْنِ الْقَرْضِ أَوْ دَيْنِ عَرْضِ التِّجَارَةِ الَّذِي لِلِاحْتِكَارِ، وَهَذَا الَّذِي ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ فِي دَيْنِ الْفَوَائِدِ كَذَا جَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ مِثْلَ جَعْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَأَدْخَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي دَيْنِ الْفَائِدَةِ فِي شَرْحِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي دَيْنِ الْقَرْضِ وَالتِّجَارَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَا إنْ كَانَ عَنْ هِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا وَلَا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقُنْيَةِ لَصَحَّ الْكَلَامُ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَاوَلَ عَلَى اخْتِصَارِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: الدَّيْنُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: دَيْنٌ مِنْ فَائِدَةٍ، وَدَيْنٌ مِنْ غَصْبٍ، وَدَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ، وَدَيْنٌ مِنْ تِجَارَةٍ، انْتَهَى.
فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ الْحُكْمُ فِيهَا سَوَاءٌ عَلَى الْمَشْهُورِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى حَوْلِ أَصْلِ الْمَالِ وَيُؤْخَذُ حُكْمُهَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، أَمَّا دَيْنُ الْغَصْبِ فَقَدْ قَدُمَ أَنَّ الْمَغْصُوبَةَ يُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ فِي قَوْلِهِ " لَا مَغْصُوبَةٌ "، وَأَمَّا دَيْنُ التِّجَارَةِ وَالْقَرْضِ فَمِنْ هُنَا، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُدِيرِ وَسَيَأْتِي حُكْمُ الْمُدِيرِ فَإِنْ فَرَّ بِالتَّأْخِيرِ فَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ أَيْضًا، وَأَمَّا دَيْنُ الْفَائِدَةِ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَنْقَسِمُ أَيْضًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا - أَنْ يَكُونَ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ مَهْرِ امْرَأَةٍ أَوْ ثَمَنِ خُلْعٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَهَذَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا، وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ " وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ فَيَسْتَقْبِلُ يَصِحُّ كَلَامُهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُصْلَحَةِ، وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ اسْتَقْبَلَ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مِنْ ثَمَنِ عَرْضٍ أَفَادَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَائِدِ فَإِنْ كَانَ حَالًّا يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَفِيهِ قَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَالْحَالِّ
وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةِ يُزَكِّيهِ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ بَيْعِهِ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ فَيَتَخَرَّجُ فِيهِ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ يُزَكِّيهِ لِكُلِّ عَامٍ، وَالثَّانِي - أَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ كَمَا لَمْ يَتْرُكْهُ فِرَارًا، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: إنَّ الْقَوْلَ بِزَكَاتِهِ هُنَا لِعَامٍ وَاحِدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِنْ كِرَاءٍ أَوْ إجَارَةٍ فَهَذَا إنَّ قَبَضَهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِ كَالْقِسْمِ الثَّانِي وَإِلَى هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: وَعَنْ إجَارَةٍ أَوْ عَرْضٍ مُفَادٍ قَوْلَانِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِ الْفِرَارِ فَقَطْ وَاسْتَغْنَى عَنْ أَنْ يَذْكُرَ الِاسْتِيفَاءَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيفَاءُ لَمْ يَتَحَقَّقْ الدَّيْنُ وَاسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ كَوْنِ الْقَوْلَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute