يَضُمُّهَا لَهُ وَيُزَكِّيهَا وَذَلِكَ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ الشَّرْطُ وَهُوَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْمِلْكِ حَوْلًا كَامِلًا، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَانَ مَعَهُ عِشْرُونَ دِينَارًا لَمْ يَتِمَّ حَوْلُهَا فَاقْتَضَى مِنْ دَيْنِهِ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ لَمْ يُزَكِّ شَيْئًا مِنْ الْمَالَيْنِ حَتَّى يَتِمَّ بِهِ حَوْلُ الْعِشْرِينَ فَإِذَا تَمَّ حَوْلُ الْعِشْرِينَ زَكَّاهَا وَزَكَّى مَا كَانَ اقْتَضَى جَمِيعًا، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُرِيدُ إذَا كَانَ مَا اقْتَضَى قَائِمًا بِيَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَصِيرَانِ كَمَالٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ أَتْلَفَ قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِ الْعِشْرِينَ لَمْ يُزَكِّهِ حَتَّى يَقْتَضِيَ تَمَامَ عِشْرِينَ فَيُزَكِّيَ حِينَئِذٍ مَا اقْتَضَى وَمَا أَتْلَفَ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْكَبِيرِ: وَتَحْصِيلُ هَذَا أَنَّ كُلَّ مَا اقْتَضَى مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ حُصُولِ الْفَائِدَةِ وَكَانَ إذَا أَضَافَهُ إلَيْهَا كَانَ فِيهَا النِّصَابُ فَإِنَّهُ يُضِيفُهُ إلَيْهَا، وَكُلُّ مَا اقْتَضَى مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ حُصُولِ الْفَائِدَةِ أَوْ قَبْلَ حُلُولِ حَوْلِهَا فَلَا يَضُمُّهُ إلَيْهَا الشَّيْخُ، وَكَلَامُنَا فِيمَا يُضَمُّ وَمَا لَا يُضَمُّ إنَّمَا ذَلِكَ إذَا كَانَ أُنْفِقَ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بَاقِيًا فَإِنَّهُ يُضَمُّ، انْتَهَى. وَهَذَا ظَاهِرٌ وَمَا فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَيُضَمُّ الِاقْتِضَاءُ إلَى الْفَائِدَةِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ مَا نَصُّهُ كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَشَرَةٌ فَائِدَةٌ حَالَ حَوْلُهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً، وَهَذَا ضَمَّ الِاقْتِضَاءَ إلَى الْفَائِدَةِ قَبْلَهُ، أَيْ حَالَ حَوْلُهَا قَبْلَ الِاقْتِضَاءِ، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا لَوْ اقْتَضَى عَشَرَةً ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً أَوْ كَانَتْ لَمْ يَحُلْ حَوْلُهَا فَإِذَا حَلَّ حَوْلُهَا وَالْمُقْتَضَى بَاقٍ يُزَكِّي الْمَجْمُوعَ، انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَ الْمُقْتَضَى قَبْلَ حُلُولِ حَوْلِهَا لَمْ يَضُمَّهَا إلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) حَمَلَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْخَمْسَةَ الْمُقْتَضَاةَ أَوَّلًا لَمْ تُنْفَقْ، وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُقْتَضَى إذَا كَانَ بَاقِيًا حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْفَائِدَةِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا قَدْ اجْتَمَعَا فِي الْمِلْكِ وَالْحَوْلِ فَيَصِيرَانِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَالًا وَاحِدًا وَلَا يَضُرُّنَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْفَاقُ أَحَدِهِمَا فَتَأَمَّلْهُ. وَأَمَّا فِي الْوَسَطِ وَالصَّغِيرِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِهَا مُنْفَقَةً أَوْ بَاقِيَةً وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّف عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ إذَا أُنْفِقَتْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً فَإِنَّهَا تُضَمُّ إلَى مَا بَعْدَهَا مِنْ الْفَائِدَةِ وَالِاقْتِضَاءِ إذَا كَمُلَ النِّصَابُ وَيُزَكِّي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) قَوْلُنَا مَا اقْتَضَى بَعْدَ حُلُولِ حَوْلِهَا يُضَمُّ لَهَا، أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ أَنْفَقَهَا وَلِذَا فَرَضَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفَائِدَةَ فِي مَسْأَلَةِ مُنْفَقَةٍ فَقَوْلُهُ " ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً فَأَنْفَقَهَا " قَصَدَ بِهِ بَيَانَ مَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الضَّمِّ، وَهِيَ مَا إذَا أُنْفِقَتْ وَلَمْ يَحْتَرِزْ بِهِ مِنْ شَيْءٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِذَا عَلِمْت مَا تَقَدَّمَ ظَهَرَ لَكَ الْمِثَالُ الَّذِي فَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ قَالَ: اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلِهَا يَعْنِي بَعْدَ مُرُورِ حَوْلٍ عَلَى الدَّيْنِ يُرِيدُ وَأَنْفَقَهَا ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً فَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً فَيَضُمُّ الْعَشَرَةَ الْفَائِدَةَ الْمُنْفَقَةَ لِلْعَشَرَةِ الْمُقْتَضَاةِ بَعْدَهَا وَيُزَكِّي الْعِشْرِينَ وَلَا يُزَكِّي الْخَمْسَةَ الْمُقْتَضَاةَ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهَا أُنْفِقَتْ قَبْلَ حُلُولِ حَوْلِ الْفَائِدَةِ فَلَا يُضَمُّ لَهَا وَلَا يَكْمُلُ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ نِصَابٌ فَكَذَلِكَ إذَا اقْتَضَى خَمْسَةً أُخْرَى زَكَّى الْخَمْسِينَ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَمُلَ مِنْ الِاقْتِضَاءَاتِ نِصَابٌ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الِاقْتِضَاءَاتِ تُضَمُّ لِبَعْضِهَا، وَلَوْ أَنْفَقَ الْمُتَقَدِّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمْ.
ص (لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ)
ش: هَذَا هُوَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الْأَصْغَرِ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا فِي عَيْنِهِ الزَّكَاةُ كَنِصَابِ الْمَاشِيَةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ تُؤْخَذُ مِنْهُ فَإِنْ بَاعَ الْمَاشِيَةَ زَكَّى الثَّمَنَ بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى الرِّقَابَ، وَأَمَّا الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ إذَا كَانَتْ مُشْتَرَاةً وَحْدَهَا فَلَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِعَيْنِهَا، وَإِنَّمَا تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِهَا إذَا خَرَجَتْ مِنْ الْحَرْثِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهَا فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا اكْتَرَى إلَى آخِرِهِ
ص (أَوْ قُنْيَةً عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحِ)
ش: يَعْنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute