للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَحَكَاهُ سَنَدٌ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَنَصُّ كَلَامِ سَنَدٍ فِي الطِّرَازِ إذَا ابْتَاعَ الْعَرْضَ يَعْنِي عَرْضَ التِّجَارَةِ بِعَرْضٍ مُقْتَنًى فَإِنَّهُ يَتَنَزَّلُ عَلَى حُكْمِ الْقُنْيَةِ وَلَا تُؤَثِّرُ فِيهِ نِيَّةُ التِّجَارَةِ وَيَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ إذَا بَاعَهُ بِالْعَيْنِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ يَجْرِي فِي الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ مِلْكِ عَرْضِ التِّجَارَةِ اعْتِبَارًا بِمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِالْعَيْنِ، انْتَهَى. وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الطِّرَازِ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - هُنَا وَتَبِعَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ

ص (وَإِنْ قَلَّ)

ش: قَالَ الشَّيْخُ بَهْرَامُ: هَذَا رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ " أَوْ عَيْنًا " وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَلَوْ رَجَعَ إلَى مَجْمُوعِ الشَّرْطِ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبَيْعٌ بِعَيْنٍ)

ش: هَذَا الشَّرْطُ وَمَا قَبْلَهُ يَعُمُّ الْمُدِيرَ وَالْمُحْتَكِرَ، فَأَمَّا الْمُدِيرُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَوِّمَ عُرُوضَهُ وَيُزَكِّيَهَا كَمَا سَيَأْتِي إلَّا إذَا نَضَّ لَهُ شَيْءٌ مَا، وَلَوْ دِرْهَمٌ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَنِضُّ لَهُ نِصَابٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَنِضَّ لَهُ فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا نَضَّ لِلْمُدِيرِ فِي السَّنَةِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فِي وَسَطِ السَّنَةِ أَوْ فِي طَرَفَيْهَا قَوَّمَ عُرُوضَهُ لِتَمَامِ السَّنَةِ فَزَكَّى السِّنِينَ ابْنُ يُونُسَ، وَإِذَا نَضَّ لِلْمُدِيرِ شَيْءٌ فِي وَسَطِ السَّنَةِ أَوْ فِي طَرَفَيْهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الْحَوْلُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مِنْ النَّاضِّ شَيْءٌ وَكَانَ جَمِيعُ مَا بِيَدِهِ عُرُوضًا فَلْيُقَوِّمْهَا لِتَمَامِ الْحَوْلِ وَيُزَكِّي، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ: وَيَبِيعُ عَرْضًا مِنْهَا وَيَقْسِمُهُ فِي الزَّكَاةِ أَوْ يُخْرِجُ عَرْضًا بِقِيمَتِهِ إلَى أَهْلِهَا مِنْ أَيِّ صِنْفٍ شَاءَ مِنْ عُرُوضِهِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ: بَلْ يَبِيعُ عُرُوضَهُ وَيُخْرِجُ عَيْنًا، انْتَهَى. وَفَرَّعَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ " أَنَّهُ يُزَكِّي " وَلَوْ لَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ وَيَأْتِي تَفْرِيعُهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْعَيْنِ لَا يَفِي بِزَكَاةِ قِيمَةِ مَا مَعَهُ مِنْ الْعُرُوضِ فَالصَّوَابُ ذِكْرُهُمَا مُطْلَقَيْنِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى مَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَهَّرَ فِي الشَّامِلِ الْقَوْلَ الثَّانِي إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الشَّاذِّ كَابْنِ الْحَاجِبِ، وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الرَّاجِحُ، وَفِي الذَّخِيرَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَاضٌّ أَوْ لَهُ وَلَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الْجُزْءِ الْوَاجِبِ، قَالَ مَالِكٌ: يَبِيعُ الْعَرْضَ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ فِي الْقِيَمِ فَلَوْ أَخْرَجَ الْعَرْضَ كَانَ كَإِخْرَاجِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ أَيْضًا: يُخَيَّرُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَإِخْرَاجِ الثَّمَنِ وَبَيْنَ إخْرَاجِ الْعَرْضِ، انْتَهَى.

وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ عُرُوضَهُ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ لِحَاجَاتِهِمْ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافَهُ، وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ حَلَّتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ وَهُوَ مِمَّنْ يُدِيرُ مَالَهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَتَى شَهْرُهُ الَّذِي يُقَوِّمُ فِيهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ عُرُوضَهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، قَالَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ لِحَاجَاتِهِمْ وَيُؤَدِّي زَكَاةَ مَالِهِ قِيلَ لَهُ: فَإِنْ لَمْ يَبِعْ مِنْ الْعُرُوضِ حَتَّى تَلِفَتْ بَعْدَمَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ هَلْ يَكُونُ ضَامِنًا لِلزَّكَاةِ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا، قَالَ؛ لِأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَسْتَقْصِيَ فِي سِلْعَتِهِ وَيَجْتَهِدَ فِي تَسْوِيقِهَا لِيُؤَدِّيَ مِنْهَا الزَّكَاةَ دُونَ تَفْرِيطٍ وَلَا تَأْخِيرٍ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ حِينِهِ بِمَا يُعْطِي فِيهَا مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ فَإِنْ فَرَّطَ فِي بَيْعِهَا حَتَّى تَلِفَتْ لَزِمَهُ ضَمَانٌ، وَإِنْ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يُفَرِّطَ لَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُ مَا تَلِفَ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ إنْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ تَنَزَّلُوا مَعَهُ لِحَوْلِ الْحَوْلِ مَنْزِلَةَ الشُّرَكَاءِ فَمَا تَلِفَ فَمِنْهُ وَمِنْهُمْ وَمَا بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ، انْتَهَى.

وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِسَمَاعِ عِيسَى، وَإِنَّمَا هِيَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ لَمْ يَنِضَّ لَهُ شَيْءٌ فِي سَنَتِهِ فَلَا تَقْوِيمَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا زَكَاةَ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا: فَإِنْ نَضَّ لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ قَلَّ قَوَّمَ وَزَكَّاهُ وَكَانَ حَوْلُهُ مِنْ يَوْمئِذٍ وَأَلْغَى الْوَقْتَ الْأَوَّلَ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقَوِّمُ حَتَّى يَمْضِيَ لَهُ حَوْلٌ مِنْ يَوْمِ بَاعَ بِذَلِكَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمئِذٍ دَخَلَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>