للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وثبت في الصحيحين عن طريق قتادة، من حديث أنس-رضي الله عنه-، قال: على عهد النبي-صلى الله عليه وسلم-: أربعة، كلهم من الأنصار: أبيُّ بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد، وزيد بن ثابت، قلت لأنس: مَن أبو زيد؟ قال: أحد عمومتي؛ (١)

وثبت عند البخاري من أنس بن مالك قال: مات النبي-صلى الله عليه وسلم- ولم يجمع القرآن غيرُ أربعة: أبو الدرداء، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد (قيس بن السكن)، قال: (ونحن ورثناه)؛ (٢)

قال الحافظ (ت: ٨٥٢ هـ) - رحمه الله - في الفتح:

"هذا الحصر الموجود في هذا الحديث حصر نسبي، وليس حصرًا حقيقيًّا حتى ينفي أن يكون غير هؤلاء الأربعة قد جمعه على عهد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.

قال القرطبي (ت: ٦٧١ هـ) -رحمه الله- تعليقًا على حديث أنس بن مالك:

قُتل يوم اليمامة سبعون من القراء، وقُتل في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم- ببئر معونة مثل هذا العدد، وإنما خص أنس الأربعة بالذكر؛ لشدة تعلقه بهم دون غيرهم، أو لكونهم كانوا في ذهنه دون غيرهم"؛

ويقول -رحمه الله- أيضًا:

قال المازري -رحمه الله-: لا يلزم من قول أنس-رضي الله عنه-: لم يجمعه غيرهم، أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك؛ لأن التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه، وإلا فكيف الإحاطة بذلك مع كثرة الصحابة وتفرقهم في البلاد، وهذا لا يتم إلا إن كان لقي كل واحد منهم على انفراده

وأخبره عن نفسه أنه لم يكمل له في عهد النبي- صلى الله عليه وسلم-، وهذا في غاية البعد في العادة، وإذا كان المرجع إلى ما في علمه لم يلزم أن يكون الواقع كذلك؛ (٣)

ويتابع الحافظ -رحمه الله- ويقول:

"الذي يظهر من كثير من الأحاديث أن أبا بكر كان يحفظ القُرْآن في حياة رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ففي بداية بعثة النبي- صلى الله عليه وسلم- بنى أبو بكر مسجدًا بفِناء داره، فكان يقرأ فيه القُرْآن، وهو محمول على ما كان نزل منه إذ ذاك، وهذا مما لا يرتاب فيه، مع شدة حرص أبي بكر على تلقي القُرْآن من النبي- صلى الله عليه وسلم- وفراغ باله له وهما بمكة، وكثرة ملازمة كل


(١) -البخاري: (٣٨١٠)، مسلم (٢٤٦٥).
(٢) البخاري (٥٠٠٤).
(٣) فتح الباري لابن حجر العسقلاني (٩/ ٥٢)

<<  <   >  >>