وابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وطلحة والزبير-رضي الله عنهم-، رواها الترمذي في كتابه وقال: إن النبي-صلى الله عليه وسلم- قرأَ بها وصاحباه أيضًا، وهي بالمد مشتقة من الملك، وتدل على ملك الأعيان، كما تدل على القدرة على التصرف في المملوكات من تلك الأعيان، وقرأ الباقون من القراء العشرة بغير ألف قصرًا (مَالِكِ). فيقرؤونها هكذا:(مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(الفاتحة: ٤). وهي بالقصر:(مَالِكِ). مشتق من المُلكِ، فتكون بمعنى السلطان والقوة والتدبير والحكم والقهر.
وقد رُسمت بالميم واللام والكاف مع إثبات ألف الإلحاق الصغيرة هكذا (مَالِكِ) قصرًا، لاحتمال القراءتين جميعًا.
ب- وكذلك رسم: كلمة (عِبَادُ) في قوله تعالى: (وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا)(الزخرف: ١٩) رسمت هكذا (عىد) فأصبح رسمها في الآية في قوله تعالى: (وجعلوا الملائكة الذين هم عىد الرحمن إناثًا)(الزخرف: ١٩) هكذا (عىد) بدون تنقيط لكي تحتمل كل القراءات الواردة في هذه الكلمة.
فتصح أن تقرأ (عِبَادُ) أو (عند)، وهما قراءتان متواترتان.
و (عِبَادُ) بوضع نقطة تحت النبرة تُقرأ باءً، وعلى حرف الباء ألف صغير وهي التي تُسمى ألف الإلحاق، بِكَسْرِ العَيْنِ وباءٍ مُوَحَّدَةٍ بَعْدَها ألِفٌ وضَمِّ الدّالِ، جَمْعُ عَبْدٍ، كَقَوْلِهِ:{وَعِبادُ الرَّحْمَنِ} الآيَةَ (الفرقان: ٦٣). قرأ بها أبو عمرو البصري والكوفيون وهم عاصم وحمزة والكسائي وخلف.
و (عند)، بوضع نقطة فوق النبرة، تُقْرَأ نونًا هكذا (عِنْدَ الرَّحْمَنِ)، قرأ بها الباقون وهم: نافِعٌ وابْنُ كَثِيرٍ وابْنُ عامِرٍ، بِسُكُونِ النُّونِ وفَتْحِ الدّالِ، ظَرْفٌ، كَقَوْلِهِ تَعالى:{إنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ}(الأعراف: ٢٠٦)
ولا تَعَارُضَ بين الرسم في الكلمتين، لأن كليهما وَحْيٌ من الله تعالى، وكُلِّ قراءة من القراءتين لها معنى لا يَتَعَارَضُ ولا يَتَصَادَمُ مع المعنى الآخر، بل إن المعنيين يُكمّل بعضهما البعض ويوضح
بعضه البعض، فقد أخبر الله تعالى أن الملائكة هم (عِبُادُ الرحمن)(عِبَادُ)، وهذا للرد على الكُفّارَ الذين افْتَرَوْا عَلى المَلائِكَةِ ووصفوهم بأنَّهم إناثٌ، زاعِمِينَ بذلك أنَّهم بَناتُ اللَّهِ، لأن كلمة (عِبَاد) جَمْعُ مُذَكَّر- من "عَبْد"، فجاء الوصف للملائكة بالعبودية، وأخبر الله تعالى أن هؤلاء الملائكة مكانهم عند الله، أي في السماء في قوله:(عند) الظرفية المكانية، وفيها رد على الذين ينكرون صعود الملائكة عند الله من أهل البدع. ومع ذلك فالقراءتان فيهما إعجاز في الرسم العثماني كما هو واضح في معنيهما.