للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ذلك يقول الشوكاني (ت: ١٢٥٠ هـ) -رحمه الله- في فتح القدير:

قرأ الكوفيون: (عِبَادُ)، بالجمع، وبها قرأ ابن عباس. وقرأ الباقون: (عند الرحمن) بنون ساكنة، واختار القراءة الأولى أبو عبيد، لأن الإسناد فيها أعلى، ولأن الله إنما كذبهم في قوله: إنهم بنات الله، فأخبرهم أنهم عباده، ويؤيد هذه القراءة قوله: (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ) (الأنبياء: ٢٦)، واختار أبو حاتم القراءة الثانية، قال: وتصديق هذه القراءة قوله: (إِنَّ الذين عِندَ رَبّكَ) (الأعراف: ٢٠٦) أي الملائكة. (١)

وبنفس قول الشوكاني قال غير واحد من أهل التفسير.

ج- وكذلك رسم: (فتبينوا) في قوله تعالى: (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا) (الحجرات: ٦) فقرئت (فَتَبَيَّنُوا) وقرئت (فتثبتوا)، وكلتا القراءتين قراءة صحيحة متواترة عن النبي-صلى الله عليه وسلم- وهما متقاربتا المعنى، وهما بمعنى: أمهلوا حتى تعرفوا صحة الخبر، ولا تعجلوا بقبوله حتى تتبينوا وتتثبتوا منه.

فأما قراءة (فَتَبَيَّنُوا) فقرآ بها: نافع وابن كثير وأبو عمر وابن عامر وعاصم وأبي جعفر ويعقوب الحضرمي.

وأما قراءة (فتثبتوا) فقرأ بها: حمزة والكسائي وخلف العاشر، وقد ذُكر أنها في مصحف ابن مسعود- رضي الله عنه- منقوطة بالثاء المثلثة.

د- وكذلك رسم: (نُنْشِزُهَا) في قوله تعالى: (وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا) (البقرة: ٢٥٩)، قرأ بها ابن عامر والكوفيون بضم النون والزاي معًا، وقرأ الباقون (نُنْشِرُهَا) بالراء، بضم النون والراء المهملة بدل الزاي ولم يختلفوا في محل السكون منها وإنما اختلفوا في إبدال الراء زايًا، وهي قراءة عامة أهل المدينة.

٩ - وأما أي لفظ تختلف فيه أوجه القراءات ولا يمكن رسمه في الخط محتملاً لتلك الأوجه جميعًا فإنهم يكتبونه في النسخ التي بين أيديهم تارة برسم وخط يوافق بعض تلك الأوجه في نسخة، وتارة يكتبونه برسم وخط يوافق الوجه الآخر في نسخة أخرى، ومن أمثلة ذلك كلمة: (وَوَصَّى) في

قوله تعالى: (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) (البقرة: ١٣٢) فقرئت (وَوَصَّى) وقرئت (وَأوصى).

فقرأ نافع وابن عامر (وَأوصى) هكذا بالألف، وكذلك هو في مصاحف المدينة والشام، وقرأ الباقون (وَوَصَّى) هكذا بغير ألف بالتشديد، وهو كذلك في مصاحفهم، والمعنى واحد إلا أن في قراءة (وَوَصَّى) دليل على المبالغة والتكثير.


(١) - فتح القدير: (١/ ٢ ج ٢ - ٦٢٨).

<<  <   >  >>