للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتي أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابتها بين يديه، فهذا سبب اختلافها في الأمصار.

د- التنبيه على أن القرآن لم يُنقَلْ في الصحف والكتب فحسبُ، وإنما ظاهر نقل الكتب والصحف حفظُ القرآن والتلقي بالمشافهة والعرض بالسماع، وقد وجد القرَّاء أحيانًا أن الكتابة لا تضبط

اللفظ، فكانوا ينصُّون أن ذلك الحرف لا يُضبَط إلا بالمشافهة كقراءة حمزة (الصراط) في فاتحة الكتاب بين الصاد والزاي، وليس في الكتابة العربية رمز يمثِّلها.

لذلك نجد ابنَ مجاهد (ت: ٣٢٤ هـ) - رحمه الله - يقول:

طولًا يضبطها الكتاب، ويقول في قراءة أخرى: ولا تضبط إلا باللفظ، وقد بلغ حرص القرَّاء على إتقان الرواية أنه إذا تقدَّمت السن بالقارئ توقَّف عن الإقراء خشية التحريف؛ أي: تحريف الصوت، لا اللفظ العام أو الكتابة، فكان سليمان بن مِهران الأعمش (ت: ٧٦٥ هـ) يُقرِئ الناس، ثم ترك ذاك في آخر عمره، فالقرآن الكريم نقل إلينا كتابة وحفظًا في الصدور بلفظه ومعناه وصوته؛ ذلك أن هذه القراءات نُقِلت مشافهةً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس اجتهادًا أو استنباطًا من رسم الخط.

هـ - التنبيه على أن الرسم سنةٌ متَّبعة قد توافقه التلاوة، وقد لا توافقه، فمِن رسم الكلمات في المصحف: (وجائ) [الزمر: ٦٩]، وتقرأ: وجيء، و (لأاذبحنه) [النمل: ٢١] بكتابة ألف بعد (لا)، وتقرأ: (لأذبحنَّه)، ومثل ذلك (ولأاوضعوا) [التوبة: ٤٧]، وتقرأ: (ولأوضعوا)، ومثل هذا كثير يُقرَأ بخلاف ما رسم.

و- التنبيه على أن القرَّاء قد أجمع واتَّفقوا جميعًا على أنه لا رأيَ في القراءة بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا بما ثبت عنه، ولا قَبول إلا بما قرأ به أو أقرَّه أو علَّمه. وقد مر معنا ذكر ذلك آنفًا قُبَيل قليل.

ز- التنبيه على أن المصحف في عهد عثمان - رضي الله عنه - قد كُتِب خاليًا من النَّقط والشكل كما أسلفنا؛ لأن المسلمين الأُوَل كانوا يضبطونه قراءةً من دون حاجة إلى ذلك، إلا أنه بعد انتشار الأعاجم، والخشية من عدم ضبط قراءة القرآن من قِبَل الأتباع، رأى الغيورون على هذا الدين ضرورةَ وضع علامات على الرسم القرآني من النقط والشكل؛ كعلامات الضمة، والفتحة، والكسرة، والشدة، وهمزة القطع والوصل، ونحو ذلك، ووضع النقاط للتفريق مثلاً بين الجيم والحاء، والتاء والباء، دون أن يغيروا في صورة الكلمة التي رسمت في مصحف عثمان - رضي الله عنه -

ح- التنبيه على أن أبا الأسود الدُّؤَلي (ت: ٦٩ هـ) تلميذ علي بن أبي طالب أوَّلَ مَن دعا إلى وضع مثل هذه العلامات، ثم تم ذلك على يدِ نصر بن عاصم الليثي (ت: ٨٩ هـ) ويحيى بن يعمر العدواني

<<  <   >  >>