للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يُصلحه ولا يقوِّمه، بل يُرسله على ما فيه من الخطأ إلى أقطار الدولة الإسلامية من شرقها إلى غربها، ومن شمالها إلى جنوبها، قائلًا: إنَّ العرب ستقيمه بألسِنتِها؟! وكيف يجوز ذلك؟ وهل من إقامة العرب اللحنَ بألسنتها أن تجعل المرفوع مجرورًا أو منصوبًا؟! وتجعلَ المجرور منصوبًا أو

مرفوعًا؟! وتجعلَ الألف والنون من المثنى، ياءً ونونًا؟! وهل من ذلك أن تغير العرب إعرابَ المفردات؟؟

إنَّ هذا ونحوه، لا يكون، ولا يُظَنُّ ولو في الخيال أن يكُون. ومع ذلك يظل المرء بين يوم وآخر، يسمع قائلًا يقول: إنَّ في القرآن لحنًا، أي: خطأً، كما يَظُن!! ويستدلُّ على ذلك بقول عثمان- رضي الله عنه-: أرى في المصحف شيئًا مِن لحن؟!. (١)

وأما الجانب الخامس: فمن جانب الاضطراب والتناقض الواضح الجلي بين صدر أثر عثمان-رضي الله عنه- وعجزه، ففي صدره مدح عمل الكُتَّاب فقال لهم: "أحسنتم وأجملتم! "، وفي عجزه قال لهم: " في القرآن لحن وستقيمه العرب بألسنتها .. "، فكيف به يمدح عملهم أولًا: ثم هو ينقض بعض ما فيه آخرًا فيصف تلك الصحف المنسوخة بأن فيها لحنًا .. !.، وعمومًا هل يعقل أن يقول عثمان إذا رأى في تلك الصحف لحنًا: أحسنتم وأجملتم!؟. ولا شك أن هذه وحدها لشافية كافية.

وإن قدر عثمان وسبقه للإسلام وصدق إيمانه وبذله الأموال وسبقه لكل خير وفضل وبر وموقفه من هذا الجمع موقف الرجال .. كل هذا يؤكد ويبرهن على استحالة صدور ذلك عنه، وقد أثبت

ذلك التناقض البين الواضح بين صدر الكلام وبين عجزه نكارة المتن واضطرابه وأن صدور ذلك عن مثل عثمان أمر محال.

هذا … وقد أفرد الشيخ سليم بن عيد الهلالي دراسة لأثر-عثمان- هذا- في صفحات عدة في تحقيقه المتميز لكتاب "المصاحف" لابن أبي داود، وناقشه وتناول روايته وطرقه وقدم دراسة وافية وكافية لسنده ومتنه ونقل وقيد فيه أقول المحققين من أهل العلم، وبين ضعف سنده ونكارة


(١) يُنظر: فرية اللحن في القرآن، يوسف الصيداوي، مقال عن موقع الألوكة، بتاريخ: ٢/ ٤/ ١٤٣١ هـ.

<<  <   >  >>