للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحفظ والتلقي والعرض من خصائص هذه الأمة:

وفي نحو ذلك يقول ابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ) -رحمه الله-:

"ثم إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على خط الْمصاحف والكتب، وهذه أشرف خصيصة من الله تعالى لِهَذِهِ الأمة". (١)

ولذا نجد أهل الصدر الأول يحذرون من تشيخ الصحيفة:

قال بعض السلف: " من أعظم البليَّة تشيُّخ الصَّحيفَة ". (٢)

وفي هذا الصدد يقول سليمان بن موسى الأشدق (ت: ١١٩ هـ) -رحمه الله-:

"لا تأخذوا الحديثَ عن الصُّحُفيِّين، ولا تقرؤوا القرآنَ على الْمُصْحَفِيِّين". (٣)

وفي مثله يقول سعيد بن عبد العزيز التَّنُوخِيّ (ت: ١٦٧ هـ) -رحمه الله-:

" لا تأخذوا العلم عن صُحُفِيٍّ، ولا القرآن مِنْ مُصْحَفِيٍّ ". (٤)

وفي نحوه يقول الوليد بن مسلم القرشي (ت: ١٩٥ هـ) -رحمه الله-:

" لا تأخذوا العلم من الصُّحُفيِّين ولا تقرؤوا القرآن على الْمُصَحَفِيِّين؛ إلا مِمَّن سمعه مِن الرجال وقرأَ على الرجال. (٥).

أما معنى "الصُّحُفيِّين": فهم الذين يشيخون الصحيفة ويأخذون العلم عنها مكتفين بها عن العلماء.

وأما معنى "الْمُصَحَفِيِّين": فهم الذين يلحنون في القول فيغيرون القول عن معناه المراد، وهذا يشمل القرآن، كما يشمل ما سواه من العلوم.

وأصل التصحيف هُوَ: تغيير في نقط الحروف أو حركاتها مع بقاء صورة الخط (٦).

وحول مفهوم التصحيف يقول الحافظ السخاوي (ت: ٩٠٢ هـ) -رحمه الله-:

هو تحويل الكلمة عن الهيئة المتعارفة إلى غيرها. (٧)


(١) - يُنظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري: (١/ ٦).
(٢) يُنظر: تذكرة السامع والمتعلم، لابن جماعة الكناني، الباب الثالث في آداب المتعلم:
(ص: ٨٧).
(٣) الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (٢/ ٣١)، والمحدث الفاصل للرامهُرْمزي: (ص: ٢١١).
(٤) - الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: (٢/ ٣١).
(٥) - تاريخ دمشق لابن عساكر: (٦٣/ ٢٩٢)، وتهذيب الكمال للمزي: (٣/ ٩٨).
(٦) يُنظر: تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ: (١/ ٣٩).
(٧) - فتح المغيث: (٣/ ٧٢)

<<  <   >  >>