للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول أبو شامة المقدسي (ت: ٦٦٥ هـ) -رحمه الله-:

روينا عن … - وذكر جملة من الصحابة والتابعين- … قالوا: القراءة سنة يأخذها الآخر عن الأول فاقرؤوا كما علمتموه.

ولذلك كان الكثير من أئمة القراءة كنافع وأبي عمرو يقولون لولا أنه ليس لي أن أقرأ إلا بما قرأت لقرأت حرف كذا كذا وحرف كذا كذا ". (١)، ولهذا حذر السلف من هذا وأمثاله.

ويقول الحافظ السخاوي (ت: ٩٠٢ هـ) -رحمه الله-:

" والأخذ للأسماء والألفاظ من أفواههم - أي العلماء بذلك، الضابطين له ممن أخذه أيضًا عمن تقدم من شيوخه وهلم جرَّا - لا من بطون الكتب والصُّحُف من غير تدريب المشايخ: أَدْفَع للتَّصحيف، وأَسْلَم من التبديل والتحريف … ". (٢)

ومن أمثلة ونماذج العرض على أهل الإقراء والإتقان والتحمل والأداء الذي هو من خصائص هذه الأمة:

قراءة مُجاهِد بْن جَبْر (ت: ١٠٤ هـ) -رحمه الله- على الحبر ابن عباس- رضي الله عنهما-.

وفي ذلك يقول مُجاهِد -رحمه الله-:

"عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية منه وأسأله عنها (٣). وثلاث عرضات أي: ثلاث ختمات

وقد أخذه عن ابن عباس- رضي الله عنهما- كذلك- جماعة من التابعين، غير مجاهد، كسعيد بن جبير، وعكرمة، وطاووس اليماني وغيرهم.

وَأَخْذُ الآخرِ عن الأولِ يكون وفق ضوابط وشروط يجب توافرها فيمن يُؤْخَذُ عنه، وهي معروفة عند أهل الأداء ومبسوطة في مظانها.

وقد أشار إلى جملة من تلك الشروط أبو عمرو الداني (ت: ٤٤٤ هـ) في "أرجوزته المنبهة" فقال -رحمه الله-:

وقيّد الجميعَ بالمعاني وبَذَلَ المجهود في البيانِ

عن كل أصلٍ ظاهرٍ جلِي وكلِّ فرعٍ غامضٍ خفي

من غير إطنابٍ ولا إكثارِ ولا تكلُّفٍ ولا تَكرارِ


(١) - يُنظر: النشر في القراءات العشر لابن الجزري: (١/ ١٧)
(٢) - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث، للسخاوي: (٢/ ٢٦٢).
(٣) - يُنظر: مصنف أبي شيبة، درس القرآن وعرضه- من باب فضل القرآن: (١٠/ ٥٥٩). مجموع الفتاوى، لابن تيمية: (١٣/ ٩٣٦).

<<  <   >  >>