للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جهة، ومن جهة أخري فإن القرآن نزل على سبعة أحرف، وقد يكون أحدهم مصحفه على حرف من تلك الأحرف المنزل بها القرآن والمرخص في القراءة بها.

٣ - وقد كانت مصاحفهم عندهم ليرجع أحدهم لمصحفه الخاص من أجل ذلك، وكل منهم له اجتهاده في حدود ما بلغه علمه من تلك الأحرف.

٤ - لما جمع عثمانُ الصحابةَ على المصحف الإمام وأمر الناس بتحريق المصاحف كان ذلك الأمر من الخليفة الراشد الحاكم والآمر لزامًا عليهم جميعًا الاستجابة له ولأمره، وذلك لأمرين اثنين:

أما الأمر الأول: فلأنه الحق الذي أجمعوا عليه جميعًا وتم بمشورتهم ومشاركتهم، فلا يحل لأحد منهم مخالفته.

وأما الثاني: فلأن الذي فعل ذلك وجمع الناس عليه هو الخليفة الراشد حاكم المسلمين والقائم على أمرهم، فلا يحق لأحد شق عصى الطاعة والخروج عن لزوم أمره الموافق لإجماع الصحابة أجمعين.

٥ - ومما يدلل على ما سبق ذكره إجمالًا: ما ثبت عند البخاري من حديث أنس بن مالك-رضي الله عنه-:

أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ، قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ وَكَانَ يُغَازِي أَهْلَ الشَّأْمِ فِي فَتْحِ أَرْمِينِيَةَ، وَأَذْرَبِيجَانَ مَعَ أَهْلِ العِرَاقِ، فَأَفْزَعَ حُذَيْفَةَ اخْتِلَافُهُمْ فِي القِرَاءَةِ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَدْرِكْ هَذِهِ الأُمَّةَ، قَبْلَ أَنْ يَخْتَلِفُوا فِي الكِتَابِ اخْتِلَافَ اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى حَفْصَةَ: " أَنْ

أَرْسِلِي إِلَيْنَا بِالصُّحُفِ نَنْسَخُهَا فِي الْمَصَاحِفِ، ثُمَّ نَرُدُّهَا إِلَيْكِ"، فَأَرْسَلَتْ بِهَا حَفْصَةُ إِلَى عُثْمَانَ، فَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْر، وَسَعِيدَ بْنَ العَاص، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ فَنَسَخُوهَا فِي الْمَصَاحِفِ، وَقَالَ عُثْمَانُ لِلرَّهْطِ القُرَشِيِّينَ الثَّلَاثَةِ: " إِذَا اخْتَلَفْتُمْ أَنْتُمْ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي شَيْءٍ مِنَ القُرْآنِ فَاكْتُبُوهُ بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّمَا نَزَلَ بِلِسَانِهِمْ"، فَفَعَلُوا حَتَّى إِذَا نَسَخُوا الصُّحُفَ فِي المَصَاحِفِ، رَدَّ عُثْمَانُ الصُّحُفَ إِلَى حَفْصَةَ، وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ القُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ، أَنْ يُحْرَقَ. (١).

وبهذا يتبين لنا ما يلي:

١ - أن الصحابة - رضي الله عنهم- كانت لهم مصاحفهم الخاصة.

٢ - كما يدل على أنه تم إحراق تلك المصاحف جميعًا.


(١) - رواه البخاري- كتاب بدء الوحي، باب، حديث (٤٩٨٧).

<<  <   >  >>