للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جلود

الإبل، ويُرْوَى أن هذا المصحف الشامي نُقِلَ إلى إنجلترا بعد أن ظل في حوزة قياصرة الروس في دار الكتب في لينينجراد فترة، وقيل أنه احترق في مسجد دمشق سنة (١٣١٠) هجرية". (١).

فلنتأمل فيها ما يلي:

أ- تكرار عبارة: "يُرْوَى" بصيغة التمريض

ب- وكذلك عبارة: "قيل".

يتبين لنا أن كون ذلك من أضراب الظن والتخرص أقرب إلى كونه من أمر التحقيق.

وفي نحو ذلك يقرر الزرقاني (ت: ١٣٦٧ هـ) -رحمه الله- فيقول:

" ليس بين أيدينا دليل قاطع على وجود المصاحف العثمانية الآن، فضلا عن تعيين أمكنتها، وقصارى ما علمناه أخيرًا أن ابن الجزري رأى في زمانه مصحف أهل الشام، ورأى في مصر مصحفًا أيضًا.

أما المصاحف الأثرية التي تحتويها خزائن الكتب والآثار في مصر ويقال عنها إنها مصاحف عثمانية: فإننا نشك كثيرًا في صحة هذه النسبة إلى عثمان- رضي الله عنه-؛ لأن بها زركشة ونقوشًا

موضوعة كعلامات للفصل بين السور، ولبيان أعشار القرآن، ومعلوم أن المصاحف العثمانية كانت خالية من كل هذا، ومن النقط والشكل أيضًا.

نعم إن المصحف المحفوظ في خزانة الآثار بالمسجد الحسيني والمنسوب إلى عثمان- رضي الله عنه- مكتوب بالخط الكوفي القديم، مع تجويف حروفه وسعة حجمه جدًا، ورسمه يوافق رسم المصحف المدني أو الشامي، حيث رسم فيه كلمة: (من يرتدد) من سورة المائدة بدالين اثنين مع فك الإدغام، وهي فيها بهذا الرسم.

فأكبر الظن أن هذا المصحف منقول من المصاحف العثمانية على رسم بعضها.

وكذلك المصحف المحفوظ بتلك الخزانة، ويقال إن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- كتبه بخطه، يلاحظ فيه أنه مكتوب بذلك الخط الكوفي القديم، بَيِدَ أنه أصغر حجمَا، وخطه أقل تجويفَا من سابقه، ورسمه يوافق غير المدني والشامي من المصاحف العثمانية حيث رسمت فيه الكلمة السابقة: (من يرتد) بدال واحدة مع الإدغام، وهي في غيرهما كذلك.

فمن الجائز أن يكون كاتبه عليًا، أو يكون قد أمر بكتابته في الكوفة. (٢)


(١) - مباحث في علوم القرآن: (ص: ١٦٨).
(٢) - مناهل العرفان للزرقاني: (١/ ٤٠٤ - ٤٠٥).

<<  <   >  >>