للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجهال" (١)، وعقب الزركشي على العز بن عبد السلام بقوله: ولكن لا ينبغي إجراء هذا على

إطلاقه لئلا يؤدي إلى دروس العلم، وشيء قد أحكمته العلماء لا يترك مراعاة للجهال، ولن تخلو من قائم بحجة". (٢).

والزركشي -رحمه الله- يكون بقوله ذاك-آنفًا- قاصدًا التوسط في الأمر،

بمعنى: أنه يريد الجمع بين الأمرين:

الأمر الأول: إبقاء الرسم العثماني الذي عليه الأمر الأول.

الأمر الثاني: جواز كتابته بالرسم الإملائي لينتفع به عموم الأمة.

وأهل هذا الرأي-عمومًا-: قصدهم بذلك حفظ القرآن الكريم من اللحن الذي قد يقع ممن يجهل الرسم العثماني ولا يحسن قراءته، وفي ذلك من درء المفاسد الكبرى التي يخشى وقوعها عند تلاوة القرآن ممن لا يحسن قراءة الرسم العثماني من عموم الأمة، وفي هذا إعمال للقاعدة الأصولية: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.

جواب أهل الرأي الثالث:

وجواب أهل الرأي الثالث إضافة لجواب أهل الرأي الثاني باختصار شديد:

١ - فإن الواقع المشاهد يرد هذا الرأي جملة وتفصيلًا، فإنك ترى الأعجمي الذي لا يحسن العربية يتقن قراءة القرآن ويحفظه بطلاقة أفضل من كثير من أهل اللسان العربي، وترى صغار

الولدان في الكتاتيب والمحاضر يقرأون ويحفظون القرآن مما كتبوه بأيديهم على الألواح بالرسم المصحفي بمهارة وإتقان يفوق أقرانهم بل ومن فوقهم ممن تلقوا التعليم في المدارس النظامية التقليدية، بل وترى الأطفال الصغار يتعلمون الرسم المصحفي بطرق التهجي التعليمية في دور القرآن في وقتنا الحاضر، وهي كثيرة ومتنوعة لكنها ترجع إلى الرسم المصحفي. (٣)، وكذلك ترى كبار السن ومن تقدم بهم العمر وهم يتعلمون القرآن في مراحل متأخرة من أعمارهم يقرأون القرآن من المصاحف ويرتلونه بلا كلفة ولا مشقة.

٢ - وهل من أجل جهل الجاهل يغير رسم المصحف ويُرد من أجله إجماع الأمة سلفًا وخلفًا، أم أن الجاهل يتعلم؟!.

٣ - ولو سلمنا لهم جدلًا وتنزلًا إلى ما ذهبوا إليه، فإن التعلم في الأمة يضمحل ويذهب.


(١) - البرهان للزركشي: (١/ ٣٧٩).
(٢) -البرهان للزركشي: ١ (/ ٣٧٩)، فتح الباري، لابن حجر العسقلاني: (١/ ٢٧٩).
(٣) - وهي كثيرة ومتنوعة، ومن أمثالها: برامج: نور البيان، ورياض القرآن، وغيرها.

<<  <   >  >>