للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموافق: ١٨٨٥ م (١)، والباحث قد وقف على هذا التسجيل واستمع إليه، وبعد البحث والتحري لم يتمكن من الوقوف على معرفة القارئ الذي سجلت له السورة (٢).

وكان تاليها:

تلاوات للشيخ محمد رفعت رحمه الله. (٣)، وإذا كان ميلاد الشيخ "رفعت" سنة ١٣٠٠ هـ، الموافق: ١٨٨٢ م، فلابد أن تكون تلاوته بعد ذلك بسنوات، وقد ثبت أنه تولى القراءة


(١) - يُنظر: موقع "دارة الملك عبدالعزيز" -رحمه الله- التي قامت بنشر هذا التسجيل النادر على حسابها الرسمي بـ "تويتر"، وعلى قناتها الخاصة باليوتيوب عبر الرابط التالي: https:// youtu.be/ o ٣ vMRJ ٦ xgUs.
والذي أجرى تسجيله المستشرق الهولندي الدكتور كريستيان سنوك هورخرونيه عام ١٣٠٢ هـ الموافق ١٨٨٥ م، والذي تقول بعض المصادر: أنه قام بهذا التسجيل بعد أن (أسلم) وشهد موسم الحج، ومازالت جامعة لايدن بهولندا محتفظة بهذا الإرث التوثيقي التاريخي حتى وقتنا الحاضر. وكان هذا التسجيل ذلك بواسطة أسطوانات الشمع والتي اخترعها "توماس أديسون" في وقت قريب من هذا التاريخ.
(٢) - غير إن الباحث وقف مؤخرًا على كلام مفاده أن الصوت المسجل إنما هو للشيخة سكينة حسن القارئة المصرية، وبالفعل بالمقارنة بين أول تسجيل للقرآن من سورة الضحى من مكة المكرمة وبين تسجيلات أخرى لها تجد الصوت وطبقاته وطريقة الأداء شبه متطابقة، إن لم تكن متطابقة تمامًا، ومع ذلك للأمانة العلمية تم ذكر ما بلغنا علمه (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ) (يوسف: ٨١) والله أعلم.
(٣) - هو القارئ الشيخ محمد بن محمود رفعت، أشهر القراء في العصر الأخير، وأعلم قراء مصر بمواضع الوقف من الآيات، امتاز ببراعة في الترتيل، وإتقانٍ للتجويد، في صوتٍ عذب ينفذ إلى القلوب، وتطمئن إليه النفوس، ولد بالقاهرة سنة ١٣٠٠ هـ، ١٨٨٢ م، وكُفَّ بصره وهو في السادسة، وتوفي بالقاهرة سنة ١٣٦٩ هـ، ١٩٥٠ م. الأعلام لخير الدين الزركلي (٧/ ٩١).
وقد تولى القراءة بمسجد فاضل باشا بحي السيدة زينب سنة ١٩١٨ م حيث عين قارئًا للسورة وهو في سن الخامسة عشرة، فبلغ شهرة ونال محبة الناس، وحرص النحاس باشا والملك فاروق على سماعه.
ولقد افتتح بث الإذاعة المصرية سنة ١٩٣٤ م، وذلك بعد أن استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري عن جواز إذاعة القرآن الكريم فأفتى له بجواز ذلك فافتتحها بآية من أول سورة الفتح: (إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا) (الفتح: ١)، ولما سمعت الإذاعة البريطانية "بي بي سي" العربية صوته أرسلت إليه وطلبت منه تسجيل القرآن، فرفض ظنًا منه أنه حرام لأنهم كفار، فاستفتى الشيخَ محمد مصطفى المراغي - شيخ الجامع الأزهر- فشرح له الأمر وأخبره بأنه غير حرام، فسجل لهم سورة مريم.
وفى أواخر شهر مايو عام ١٩٣٤ م افتتحت الإذاعة المصرية وفى يوم الجمعة السابع من شهر ديسمبر تعاقدت معه الإذاعة لقراءة القرآن الكريم على الهواء مباشرة وفى الخامس من شهر يناير عام ١٩٣٥ م أبرمت عقدا آخر معه يقضى بقراءته مرتين على الهواء الأولى من الساعة التاسعة وحتى العاشرة إلا الربع مساءً والثانية من الساعة العاشرة والنصف وحتى الحادية عشرة والربع مساءً وفى ذلك الوقت هاج البعض بدعوى أن قراءة القرآن الكريم بالإذاعة بدعة فأصدر شيخ الأزهر الأحمدي الظواهري فتوى مفادها أن قراءة القرآن الكريم فى الإذاعة ليست محرمة أو مكروهة.
والشيخ محمد رفعت عشق مصر ولذلك لم يغادرها ولم يستجب للدعوات الكثيرة التى وصلته من الدول العربية والأجنبية، ففي عام ١٩٣٥ م عرض عليه الذهاب إلى الهند مقابل ١٥ ألف جنيه ولكنه أعتذر فوسط "نظام حيدر" "الهندي" الخارجيةَ المصرية وزاد المبلغ إلى ٤٥ ألف جنيه ولكنه رفض بقوله: أنا لا أبحث عن المال أبدًا، فإن الدنيا كلها عرض زائل.
وقد تجاوزت شهرته المحلية إلى العالمية حيث حرصت إذاعات لندن وباريس وبرلين على إذاعة تسجيلاته أثناء الحرب العالمية الثانية لجذب أسماع المستمعين.

<<  <   >  >>