للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حكمة الدكتور "لبيب" في تنوع اختياره للقراء:

وإنما كان تنوع اختيار الدكتور "لبيب" للقراء الذين يسجل لهم لحكمة بليغة يجليها بقوله رحمه الله: وقد أشرتُ بأن لا يستأثر قارئ واحد بتسجيل المصحف كاملاً، دفعًا لملل السامعين، واستفادة بأكبر عددٍ من أصحاب المواهب، وتحقيقًا لتكافؤ الفرص. (١).

ولا شك أن ذلك من الحكمة بمكان، وقد ظهرت وتجلت تلك الحكمة بصورة واضحة جلية للعيان مع مضي الأيام.

الثمار اليانعة من عاجل بشرى المؤمن:

لقد واجهت الدكتور النبيل/ لبيب السعيد خلال إخراج مشروعه للنور عقبات كؤود، فكلما تخطى عقبة ظهرت له أخرى، ومع ذلك كما قيل: من عرف ما يَطلب هان عليه ما يَبذل (٢)، فإنه

قد علم عظم هذا العمل الجليل وما يترتب عليه من نفع لعموم المسلمين، وحينما أراد الله تعالى -العليم الحكيم الخبير- أن يتم هذا العمل ويخرج من عالم الغيب إلى عالم الشهادة هيأ سبحانه له الأسباب وفتح له الأبواب المؤصدة.

ولمَّا أتَمَّ اللهُ تلك النعمة الجليلة وأسبغها وافرة، فرح بها الساعي فيها فرحًا شديدًا،

وغمرته سعادة وبهجة وسرورًا، وندع له المجال ليعبر بلسانه عن فرحته وبهجته حيث يقول -رحمه الله-:

وقد ازددتُ إدراكًا لفضل الله عليَّ، وعلى الناس، إذ قدَّرَ لهذا المشروع النجاح، حين كنت خارج مصر، في بلاد بعيدة، أستمع إلى المصحف المرتل، من الإذاعة، أو أستمع إليه، في دور السفارات، والقنصليات العربية … لقد كان ينسلخ عني وقتئذ ـ شأني شأن كل مستمع مسلم عربي ـ الشعور بغربة اللسان أو غربة المكان، وقد حكى لي غير واحد ممن سمعوا المصحف المرتل في ديار الغربة أنهم لم يكونوا يملكون حبس دموعهم تأثرًا وفرحًا. (٣).

ولاشك أنها نعمة من أن أجل النعمة التي يُفرح بها وبمثلها، وأنها من محض فضل الله على عباده، كما قال ربنا: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ) (يونس: ٥٨). والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.


(١) -الجمع الصوتي، لبيب السعيد (ص: ١١٤).
(٢) - القائل إبراهيم بن أدهم، يُنظر: تاريخ مدينة دمشق (٤/ ١٢٤)
(٣) -الجمع الصوتي، لبيب السعيد (ص: ٤٩٩).

<<  <   >  >>