للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذلك يرجع غالبًا للهجة القارئ ومنشئه، إذ اللهجات المحلية لبعض البلدان والقبائل يغلب عليها اختلاس بعض حركات الحروف كما هو معروف.

والمطلوب من قارئ القرآن هو القراءة بتؤدة واطمئنان وترسل وتمهل مع العناية بتبيّن الحروف، مع عدم العجلة المخلة بالقراءة؛ كما قال الله تعالى: (ورتّل القُرآنَ تَرتِيْلاً) (المزمل: ٤)

والترتيل كما هو معلوم تبيين الحروف وإظهارها، ولا يكون ذلك إلا بإخراجها من مخارجها.

قال الزجاج (١) -رحمه الله-:

رتّل القرآن ترتيلًا، بينه تبيينًا، والتبيين لا يتم بأن يعجل في القرآن، إنما يتم بأن يبين جميع الحروف، ويوفي حقها من الإشباع. (٢)

وقال ابن الجزري (ت: ٨٣٣ هـ) -رحمه الله-:

الترتيل مصدر من رتل فلان كلامه؛ إذا أتبع بعضه بعضًا على مكث … قال صاحب العين: "رتلت الكلام: تمهلت فيه. (٣)

ومراتب القراءة وإن كان قد قال عنها بعض أهل التجويد أنها أربعة مراتب من جهة الإسراع والبطء، وهي: "التحقيق، والتدوير، والترتيل، والحدر" (٤)، والبعض قد جعلها ثلاثًا: (الترتيل، والتدوير، والحدر) (٥)

ومنشأ الخلاف بين هذه الأقوال يرجع إلى مرتبة "التحقيق"، فالبعض يجعلها مع الترتيل مرتبة واحدة، كالإندرابي في " الإيضاح"، والبعض يجعل الترتيل صفة من صفات التحقيق، كالداني في "التحديد" (٦)، ومنهم من يجعله مرتبة مستقلة، كالقسطلاني في "اللآلئ السنية" (٧)، والبعض يرى أن الترتيل هو الأصل وباقي المراتب تندرج تحته وتنبثق عنه فالترتيل يندرج تحته التحقيق والحدر والتدوير.


(١) -الزَجَّاج أو أبو إسحاق الزجّاج أو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن السرى بن سهل الزجاج البغدادي (٢٤١ هـ-٣١١ هـ)، نحوي من العصر العباسي، "من أهل العلم بالأدب والدين المتين" كما وصفه ابن خلكان. صنف العديد من الكتب، أشهرها كتاب معاني القرآن في التفسير، وكتاب ما ينصرف وما لا ينصرف وكتاب تفسير أسماء الله الحسنى. صحب وزير الخليفة العباسي المعتضد بالله عبيد الله بن سليمان، وعلم ابنه القاسم بن عبيد الله الأدب. يُنظر: الموسوعة الحرة" ويكيبيديا".
(٢) - يُنظر: تفسير الفخر الرازي (١٦/ ١٠٧).
(٣) - التمهيد، لابن الجزري (١/ ٥٩).
(٤) - كالقسطلاني في اللآلئ السنية ص ٥٢.
(٥) - كالإندرابي في الإيضاح ص ٢٩٠.
(٦) يُنظر: التحديد للداني ص ٦٩
(٧) يُنظر: اللآلئ السنية للقسطلاني ص ٥٢.

<<  <   >  >>