للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما هو معلوم أن " هشامًا " أسدي قرشي، وأن " عمر " عدوي قرشي، فكلاهما من قريش، وليس لقريش إلا لغة واحدة، فلو كان اختلاف الأحرف اختلافًا في اللغات لما اختلف القرشيان. (١)

وحديث عمر هذا حديث متواتر، وقد بلغ أعلى درجات الصحة، فقد رواه إماما المحدثين البخاري ومسلم، كما أنه قد بلغ إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بإنزال القرآن على سبعة أحرف حد التواتر المفيد للعلم اليقيني المقطوع بثبوته وصحته؛ وقد لاقى حديث الأحرف السبعة القبول عند جماهير أهل السنة.

وقد نص على تواتره جمع من أهل العلم منهم أبو عُبَيْدٍ القَاسِمُ بنُ سَلاَّمٍ الهَرَوِيُّ (ت: ٢٢٤ هـ) حيث يقول -رحمه الله-:

قد تواترت هذه الأحاديث كلها على الأحرف السبعة، إلا حديثًا واحدًا يُروى عن سمرة، حدثني عفان، عن حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "نزل القرآن على ثلاثة أحرف" (٢). قال أبو عُبَيْدٍ: ولا نرى المحفوظ إلا السبعة؛ لأنها المشهورة. (٣)

٢ - ثبت عند البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ، فَرَاجَعْتُهُ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي، حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ". (٤)

٣ - ثبت عند مسلم في صحيحه من حديث أبيِّ بن كعب رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ عِنْدَ أَضَاةِ (٥) بَنِي غِفَارٍ، قالَ: فأتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ


(١) -نزول القرآن على سبعة أحرف، الإسلام سؤال وجواب، بتاريخ: ٢٩/ ٦/ ٢٠٠٢ م.
(٢) - مستدرك الحاكم، كتاب التفسير ٢/ ٢٢٣، ومسند الإمام أحمد ٥/ ٢٢.
وأسانيد هذا الحديث تدور حول رواية الحسن عن سمرة، والحسن قد تُكُلِمَ فيه، وهو متهم بالتدليس كذلك، فهو يروي عمن لم يدركهم وعمن لم يسمع منهم من الصحابة. يُنظر: تهذيب التهذيب (٢/ من صفحة ٢٦٣ لصفحة ٢٧٠،)، وعلوم الحديث لابن الصلاح (ص: ١١٩) ط المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، وتذكرة الحفاظ.
غير أن البخاري والترمذي وعلي بن المديني وأحمد وأبو داود إلى سماع الحسن من سمره، فقد روى البخاري منه سماعًا منه لحديث العقيقة، وثمة أحاديث أخرى رواها الحسن عن سمرة غالبها في السنن الأربعة وعن علي بن المديني أن كلها سماع، كذا حكى الترمذي عن البخاري. يُنظر: تهذيب التهذيب ٢/ ٢٦٨
والحديث الذي رواه الحاكم في مستدركه قال فيه: " وقد احتج البخاري برواية الحسن عن سمرة، واحتج مسلم بأحاديث حماد بن سلمة، وهذا الحديث صحيح وليس له عله " وأقره الذهبي. وهذا ما نقره كذلك بعد تمحيص للآراء في سماع الحسن عن سمرة.
يُنظر: المتحف في معنى السبعة أحرف، عدنان البحيصي، ملتقى أهل التفسير، بتاريخ: ١٠/ ٢ - ١٤٢٧ هـ
(٣) - فضائل القرآن (ص: ٣٣٩).
(٤) أخرجه البخاري (٤١٩٩)، ومسلم (٨١٩).
(٥) - والأَضاةُ: الغَدير، الأَضاةُ: الماء المُسْتَنْقِعُ من سيل أَو غيره، والجمع: أَضَواتٌ وأَضًا مقصور مثل قَناةٍ وقَنًا، وإضاءٌ بالكسر والمد وإضُونَ كما يقال سَنَةٌ وسِنُونَ؛ (لسان العرب، مادة أضا).

<<  <   >  >>