للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُمَّتُكَ القُرْآنَ علَى حَرْفٍ، فَقالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، وإنَّ أُمَّتي لا تُطِيقُ ذلكَ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ القُرْآنَ علَى حَرْفَيْنِ، فَقالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، وإنَّ أُمَّتي لا تُطِيقُ ذلكَ، ثُمَّ جَاءَهُ الثَّالِثَةَ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ القُرْآنَ علَى ثَلَاثَةِ أَحْرُفٍ، فَقالَ: أَسْأَلُ اللَّهَ مُعَافَاتَهُ وَمَغْفِرَتَهُ، وإنَّ أُمَّتي لا تُطِيقُ ذلكَ، ثُمَّ جَاءَهُ الرَّابِعَةَ، فَقالَ: إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَقْرَأَ أُمَّتُكَ القُرْآنَ علَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فأيُّما حَرْفٍ قَرَؤُوا عليه فقَدْ أَصَابُوا. (١)

٤ - ثبت عند مسلم في صحيحه من حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَرَآ، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- شَأْنَهُمَا، فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ، وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، (٢) فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا قَدْ غَشِيَنِي، ضَرَبَ فِي صَدْرِي، فَفِضْتُ عَرَقًا وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ عز وجل فَرَقًا، فَقَالَ لِي: "يَا أُبَيُّ أُرْسِلَ إِلَيَّ أَنِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ اقْرَأْهُ عَلَى حَرْفَيْنِ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّالِثَةَ اقْرَأْهُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَلَكَ بِكُلِّ رَدَّةٍ رَدَدْتُكَهَا مَسْأَلَةٌ تَسْأَلُنِيهَا، فَقُلْتُ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، اللهُمَّ اغْفِرْ لِأُمَّتِي، وَأَخَّرْتُ الثَّالِثَةَ لِيَوْمٍ يَرْغَبُ إِلَيَّ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ، حَتَّى إِبْرَاهِيمُ -صلى الله عليه وسلم- ". (٣)

٥ - ثبت عند النسائي بسند صحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: … إنَّ جبريلَ وميكائيلَ عليْهما السَّلامُ أتياني فقعدَ جبريلُ عن يميني وميكائيلُ عن يساري فقالَ جبريلُ عليْهِ السَّلامُ: اقرأ القرآنَ على حرفٍ. قالَ ميكائيلُ: استزدْهُ استزدْهُ حتَّى بلغَ سبعةَ أحرفٍ فَكلُّ حرفٍ شافٍ كافٍ. (٤)

٦ - ومما روي من الأحاديث في هذا المعنى وإن لم يُنَص فيه على لفظ الأحرف السبعة ما ثبت عند البخاري من حديث ابن مسعود رضى الله عليه أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ آيَةً سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله


(١) أخرجه مسلم (٨٢١) من حديث أبي بن كعب رضي الله عنه.
(٢) - أي وسوس لي الشيطان تكذيبًا للنبوة أشد مما كنت عليه في الجاهلية.
فسقَط في نفْسِه مِن التَّكذيبِ، أي: خطَر في قلبِه مِن التَّكذيبِ مِن جِهةِ تَحسينِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قراءتَهما؛ ظنًّا منه أنَّ كلامَ اللهِ الواحدِ يكونُ على وجهٍ واحدٍ، ولا يجوزُ أن يقرأَه كلُّ رجلٍ كيفما شاء، ولا إذ كنتُ في الجاهليَّةِ، ومعناه: وسوَس لي الشَّيطانُ تكذيبًا للنُّبوَّةِ أشدَّ ممَّا كنتُ عليه في الجاهليَّةِ؛ لأنَّه في الجاهليَّةِ كان غافلًا أو متشكِّكًا، فوسوَس له الشَّيطانُ الجزمَ بالتَّكذيبِ. يُنظر: شرح الحديث في الموسوعة الحديثية من الدرر السنية
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه، رقم ٨٢٠.
(٤) - صححه الألباني في صحيح النسائي (٩٤٠).

<<  <   >  >>