للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالأولى أن يقال:

جامعة للعرضة الأخيرة، ويلغى التقييد بِما يحتمله رسم المصاحف، إذ قد علمنا أن الصحابة رضي الله عنهم قد كتبوا مصاحف متعددة، وفاوتوا بينها ليحتمل البعض منها من أوجه القراءة ما لا يحتمله البعض الآخر. (١)

واحتج أصحاب هذا القول بِما احتج به أصحاب المذهب الثاني- بما يلي:

١ - احتجوا- على بقاء بعض الأحرف السبعة، والحاجة إليها

٢ - واحتجوا على أن السبعة لم تبق كلها بِما ورد من الآثار التي تدل على حدوث النسخ في العرضة الأخيرة لبعض أوجه القراءة، فكتب الصحابة في المصاحف عند الجمع ما تيقنوا أنه قرآن ثابت في العرضة الأخيرة، وتركوا ما سوى ذلك.

قال السيوطي (ت: ٩١١ هـ) -رحمه الله- في "الإتقان":

ولا شك أن القرآن نُسخ منه في العرضة الأخيرة وغُيِّر، فاتفق الصحابة على أن كتبوا ما تحققوا أنه قرآن مستقرٌّ في العرضة الأخيرة، وتركوا ما سوى ذلك. (٢)

وقال البغوي (ت: ٥١٦ هـ) -رحمه الله- في شرح السنة:

يُقال إن زيد بن ثابت شهد العرضة الأخيرة (٣) التي بين فيها ما نُسخ وما بقي، وكتبِها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقرأها عليه، وكان يُقرئ بِها الناس حتى مات، ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه، وولاه عثمان كَتْبَ المصاحف. (٤)

وقد وردت الآثار بأن القرآن قد نسخ منه وغُيِّر في العرضة الأخيرة، وأن قراءتنا التي جمعها الصحابة هي ما كان في تلك العرضة.

فَعَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ (ت: ٧٢ هـ) -رحمه الله- أنه قال:

القراءة التي عُرِضَت على رسول الله صلى الله عليه و سلم في العام الذي قبض فيه -هذا القراءة التي يقرأها الناس. (٥) يعني بذلك قراءة زيد بن ثابت.


(١) يُنظر: الأحرف السبعة في المصاحف العثمانية (ص: ١٧٨)، المنفعة فى مراحل مع القرآن، كريم شوقي بن عربي، دار اللؤلؤة للنشر والتوزيع، ٢٠١٨ م
(٢) -الإتقان في علوم القرآن (١/ ١٤٢).
(٣) وثبوت شهود زيد بن ثابت للعرضة الأخيرة محل نظر عند أهل التحقيق لضعف الروايات الواردة فيها، وقد سبق التنبيه على ذلك مرارًا في طيات البحث، وقد رواها البغوي بصيغة التمريض "يُقال" ولم يصرح بشهوده لها.
(٤) - شرح السنة للإمام البغوي (٤/ ٥٢٥ - ٥٢٦).
(٥) رواه البيهقي في دلائل النبوة (٧/ ١٥٥ - ١٥٦).

<<  <   >  >>