للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن سمرة (١) قال:

عُرض القرآنُ على رَسُول اللهِ صلى الله عليه و سلم عرضات، فيقولون: إن قراءتنا هذه العرضة الأخيرة. (٢)

وعن ابن سيرين (٣) قال:

كان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه و سلم كل سنة في شهر رمضان مرةً، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه مرتين، فيرون أن تكون قراءتنا هذه على العرضة الأخيرة. (٤)

القول الأقرب للصواب، والذي يرجى أن يكون هو القول الراجح:

والقول الذي يظهر صوابه- والله أعلم- هو ما ذهب إليه جماهير العلماء من السلف والخلف من أن الباقي من الأحرف السبعة هو ما ثبت في العرضة الأخيرة، وأن الصحابة رضي الله عنهم لم يختاروا بعض الأحرف الثابتة دون بعض، بل دونوا ونقلوا كل ما ثبتت قرآنيته، وتركوا ما سوى ذلك.

ولكن ينبغي التنبه إلى أن قولهم:

إن المصاحف غير مشتملة إلاَّ على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة، جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه و سلم على جبريل، متضمنة لها، لم تترك حرفًا منها -فيه نوع تناقض، إذ قد يُفهم منه أن هناك شيئًا من الأحرف السبعة عرضه النَّبِيّ صلى الله عليه و سلم على جبريل في العرضة الأخيرة، ولم يكتبه الصحابة في المصاحف العثمانية.

فالأولى أن يقال:


(١) - سمرة بن جندب (المتوفي سنة ٥٨ هـ) صحابي من صغار الصحابة، وأحد رواة الحديث النبوي. نقلًا عن الموسوعة الحرة.
له صحبة و رواية وشرف، ولي إمرة الكوفة و البصرة خلافة لزياد، و كان شديداً على الخوارج وقَتَلَ منهم جماعة، فكان الحسن وابن سيرين يثنيان عليه. للاستزادة: يُنظر: سير أعلام النبلاء (٣/ ١٨٣ - ١٨٥).
(٢) - رواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. مستدرك الحاكم (٢/ ٢٣٠)، ورواه البزار في مسنده، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. مجمع الزوائد (٧/ ١٥٤).
(٣) ابن سيرين هو أبو بكر محمد بن سيرين البصري. التابعي الكبير والإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، (ت: ١١٠). للاستزادة: يُنظر: سير أعلام النبلاء (٤/ ٦٢١)
(٤) -أخرجه ابن أشتة، يُنظر: الإتقان في علوم القرآن (١/ ١٤٢). ولاشك في قوة هذا القول.

<<  <   >  >>