للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، وكذلك جاءت في ذم سوء الخلق أيضًا أحاديث كثيرة. وفي حديث عائشة - رضي الله عنها -: "كان خلقه القرآن"، أي: كان متمسكًا به وبآدابه وأوامره ونواهيه وما يشتمل عليه من المكارم والمحاسن والألطاف" (١).

وعرّف الجرجاني الخلق فقال: "عبارة عن هيئة للنفس راسخة تصدر عنها الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية، فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة عقلًا وشرعًا بسهولة؛ سميت الهيئة: خلقًا حسنًا، وإن كان الصادر منها الأفعال القبيحة؛ سميت الهيئة: خلقًا سيئًا، وإنما قلنا: إنه هيئة راسخة؛ لأن من يصدر منه بذل المال على الندور بحالة عارضة لا يقال: خلقه السخاء، ما لم يثبت ذلك في نفسه، وكذلك من تكلف السكوت عند الغضب بجهد أو روية لا يقال: خلقه الحلم، وليس الخلق عبارة عن الفعل، فرب شخصٍ خلقه السخاء، ولا يبذل، إما لفقد المال أو لمانع، وربما يكون خلقه البخل وهو يبذل، لباعث أو رياء" (٢).

ومن المصطلحات ذات الصلة بموضوع الأخلاق مصطلح "القيمة" الذي يعبر عن مجموعة من المعايير والأحكام النابعة من تصورات عن الإله وعن الكون والحياة والإنسان، تتكون لدى الفرد والمجتمع، فتوجه لديهم النظر والعمل (٣). وإذا كان بحث الأخلاق معروفًا في تاريخ الفكر الإنساني فإن بحث القيمة معاصر ظهرت العناية به في القرن الأخير (٤)، وقد كان يبحث في الفلسفة في قسم الإكسيولوجيا، وقد اشتهرت بالتقسيم الثلاثي: الحق والخير والجمال (٥)، وتدخل


(١) القاموس المحيط ص ١١٣٧، لسان العرب، مادة (خلق) ١٠/ ٨٦، ومادة لسان العرب منقولة عن ابن الأثير من كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر مادة (خلق) ٢/ ٧٠ - ٧١، فابن منظور لاحق لابن الأثير.
(٢) التعريفات، الجرجاني ص ١٠١، وقريبًا من ذلك ما ذكره جميل صليبا في: المعجم الفلسفي ١/ ٥٣٩، وانظر: الموسوعة الميسرة، الندوة ٢/ ٩٤٨، مدارج السالكين، لابن القيم ٢/ ٣٠٧، الأخلاق الإِسلامية، عبد الرحمن الميداني ١/ ٧، موسوعة نظرة النعيم .. ، مجموعة مؤلفين ١/ ٥١.
(٣) انظر: القيم بين الإِسلام والغرب. . . .، د. مانع المانع، وانظر: موسوعة نظرة النعيم .. ١/ ٨٤، وانظر: المعجم الفلسفي، د. جميل صليبا ٢/ ٢١٢.
(٤) انظر: الكتب التي تتحدث عن مفهوم القيمة، ومنها: نظرية القيم في الفكر المعاصر، د. صلاح قنصوة ص ١٨، وانظر: الموسوعة الفلسفية العربية ص ٣٧.
(٥) انظر: تمهيد للفلسفة، د. محمود زقزوق ص ٦٠ - ٦١، وانظر: مبادئ الفلسفة، رابوبرت =

<<  <  ج: ص:  >  >>