يُعد موضوع "المصدر" من القضايا المفصلية في التصور الإِسلامي، فهو مسألة أساسية، وفيه يقع الافتراق بين أهل المنهج الإِسلامي وبين غيرهم، فمن مكونات العقيدة الإِسلامية الإيمان بالرسل والإيمان بالكتب، ومن ذلك الإيمان بأن خاتمهم هو محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، وبه كَمُل الدين ونسخ ما قبله من الرسالات، وختمت الكتب السماوية بالقرآن الكريم، وختم الوحي بالكتاب والسنة، وبهذا يكون مصدر الاعتقاد ومصدر العمل مستقى من الكتاب والسنة، وأغلب صور الانحرافات الدينية تبدأ من مشكلة المصدر، فإن الإِسلام جاء ليؤسس حياة جديدة تنطلق من الوحي: الكتاب والسنة.
في المقابل يقوم الانحراف بمقدار الابتعاد عن هذا المصدر الإلهي، في الاعتقاد والعمل والرؤية والحياة كلها، فهناك من يضع العقل منافسًا للوحي، وهناك من يضع الحسّ الموضع ذاته، وهناك من يضع الأشخاص، وهناك من يضع الحدس والكشف في موقف مشابه، إلى غير ذلك من المصادر التي يستقى منها التصور أو العمل، وقد كان هذا الأمر شائعًا في تاريخ المسلمين، حيث ظهرت فرق تبتعد عن المصدر بما تضعه من مصادر مشاركة أو بديلة عن الوحي،