للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطيور الأربعة، ويبحث لأخرى عن تأويلات مثل قصة انفلاق البحر لموسى -عليه السلام- في قوله -تعالى-: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ} [الشعراء: ٦٣] أن معنى ذلك: المشي والذهاب كما نقول: ضرب في الأرض إلى غير ذلك (١).

وفي مقابل الإنكار، وبسبب النظريات العلمية الجديدة نجده لا يمانع من تصير خلق آدم -عليه السلام- وفق نظرية "داروين"، فمن خلال التفاعل الكيميائي تولدت خلية حية من الممكن أن تكون هي الأصل لكل الكائنات الحية، وآدم في القرآن هو رمز للإنسانية جمعاء، ولا حقيقة للمحاورة بينه وبين الرب سبحانه كما وردت في القرآن، وإنما عبر عنها بشكل قصصي أدبي ليقرب فهمه للناس (٢).

فهذا النموذج من الهند السباق إلى العصرنة على حساب الدين، والمتطرف في إنكار كل نص يخالف أصول الحضارة الغربية أو تأويله تأويلًا متطرفًا لا يستسيغه العاقل، وأصبح المقدم هو الوافد لا الموروث، يمكن تغيير كل شىِء في الدين أما الوافد الغربي فلا يُمسّ بسوء. وقد كان لهذا المنهج خطورته على أتباعه، كما أنه كان سببًا في نفور بقية المسلمين من الحضارة الغربية لما شاهدوا من آثارها على هؤلاء لدرجة تضحيتهم بعقيدتهم مقابل سلامة المنقول من الغرب، فإنهم توقعوا أن كل ما عند الغرب مصبه إلى الكفر والإلحاد وتحريف الدين وإنكار أصوله وعقائده وشرائعه، بينما لو اكتفى هؤلاء بالنافع مما في الغرب وأصّلوا التفاعل الحضاري لأمة معتزة بدينها مع الغرب وحضارته لكان الصراع داخل المسلمين في الموقف من الغرب أخف.

رابعًا: النموذج العربي العصراني:

اشتهر القرن الثالث عشر/ التاسع عشر بأنه قرن التحديث، وبسبب انصراف التحديث إلى أبواب غير مفيدة فقد تسرب معه بذور التغريب. وبما أن النشاط كان مخصصًا للتحديث فالأصل عدم وجود تصادم داخل المجتمع؛ لأن التحديث


(١) انظر: مفهوم تجديد الدين ص ١٢٨.
(٢) انظر: مفهوم تجديد الدين ص ١٢٨ - ١٢٩، وعن مثل هؤلاء وأمثالهم في الهند جاء الرد في كتاب جمال الدين الأفغاني: (الرد على الدهريين)، وهو أحد أهم كتب الأفغاني في نقدهم بعد أن شاع أمرهم في الهند، وربما كان الوحيد الذي ناقشهم من منظور فكري عصري.

<<  <  ج: ص:  >  >>