للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين ترك ما جاءهم من ربهم ليتحولوا إلى وجهات نظر ذاتية غلب عليها الإلحاد والكفر بالدين والغيب.

[٢ - مذهب التوفيقيين من المتغربين ودعوتهم لإقصائه كمصدر للمعرفة]

وهؤلاء بحسب ظاهرهم يعترفون بالدين ومصادره ولكن في حدود ضيقة، فهم يرون تبعًا لمرجعياتهم الغربية بتقسيم النشاط الإنساني إلى قسمين (١): العقل والوجدان، العقل مصدره العلم وعمله العلم، فيقبل التصديق أو التكذيب، أما الوجدان فيخضع للذوق فقط، ومعياره القبول الشخصي، وغذاؤه في الدين والآداب والفنون. يرى أهل هذا الاتجاه أن الدين لا يمكن أن يكون ميدان الحقائق؛ لأنه لا يمكن إخضاعه كالعلم لمعايير التصديق، يقول أحد الوضعيين: "مذهبنا هو "أن يكون العلم -لا الأخلاق ولا الدين- مصدر الوحي للفلسفة". . . ." (٢)، وضرب لذلك مثالًا بـ"الروح" (٣) فلا يمكن إثباتها بمعايير العلم بحيث كل من قام بالتحقق أيًا كان، ملحدًا أو مؤمنًا، يستطيع الوصول إلى النتيجة نفسها التي يصل إليها غيره، بخلاف العلم، فإن أغلب مسائله يستطيع كل إنسان إذا طبق المعايير أن يصل إلى المسألة نفسها، فيصل هذا الاتجاه إلى: أن العلم هو مصدر الحقائق وهو مصدر إدارة الحياة، أما الدين فيبقى مصدرًا اختياريًا فرديًا ذاتيًا، حاله كحال الآداب والفنون بما في ذلك التمثيل والمسرح والموسيقى.

[مناقشة الملفقين]

من المهم مناقشة طائفة الملفقين؛ لأن مقولتهم قد يظهر منها قبول الدين


(١) أشهر من عُرف عنه الدعوة لهذا العمل الدكتور زكي نجيب ولاسيّما في ثلاثة كتب: (خرافة الميتافيزيقا)، و (نحو فلسفة علمية)، و (المنطق الوضعي)، وانظر: الوضعية المنطقية والتراث العربي، عبد الباسط سيدا ص ١٢٠، وانظر: قصة عقل، د. زكي نجيب ص ٩٢ وما بعدها.
(٢) نحو فلسفة علمية، زكي نجيب ص ٣٠، ولمركزية هذه القسمة الثنائية في فكره فقد خصص أصحاب الكتاب التذكاري (زكي نجيب محمود فكرًا عربيًا) المحور الرابع لمناقشتها: العقل والوجدان عند زكي نجيب ص ٣١١ وما بعدها.
(٣) انظر: موقف من الميتافيزيقا، د. زكي نجيب ص ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>