للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباطنية لوظائفها البيولوجية لا من أجل التخلص من علة فيها، بل بالتعديل فيها حينًا، وبإيقاف عملها أحيانًا (١).

[في الجانب النفسي]

يدخل الجانب النفسي ضمن ما سبق من قضايا، ولكنه يتميز عنه بقضايا أشدَّ تعقيدًا وأكثر خطرًا، وقد ظهر العلاج النفسي الحديث في نهايات القرن الثالث عشر / التاسع عشر في الأجواء السابقة نفسها، وبقدر التقدم المهم الذي أحرز في هذا الجانب، إلا أن أثر البيئة العلمانية والمادية على هذا المجال، لاسيّما مع بروز الإلحاد في رموز مهمة في هذا المجال قد تسبب بوعي أو بغير وعي في الإضرار بمنافع هذا العلم وتقريبه للإلحاد والمادية.

كما سبق فقد اتصف العلم في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر بما يمكن أن يُطلق عليه بالمادية العلمية التي ترى أن الحقيقة كلها تكمن في المادة، وإن كان العلم في القرن الرابع عشر/ العشرين قد وقعت له تغيرات جوهرية، لاسيّما في عملية إبعاد تدريجي للإنسان عن المادية (٢)، وقد كان من بين خصائص المادية العلمية "الحتمية والميكانيكية" التي انتقلت إلى مدارس مشهورة لعلم النفس ومن ثم الطب النفسي مثل "التحليل النفسي" و"السلوكية"، وهي جميعًا تتفق مع التصور المادي للطبيعة البشرية (٣)، ومع ذلك فهناك تحولات تنزع لتخفيف هذا الطغيان للمادية على علم النفس وعلى الطب النفسي، ومع هذا التخفيف من شأن المادية فتبقى مشكلة الإطار العلماني للفكر الغربي الذي تقع فيه مثل هذه التطورات في ميدان العلم.

وقد تكون الفرويدية من أشهرها في الغرب وقد حملت "طابع العصر من نزعة علمية تستبعد أي دور للغيبيات سواء في تشخيص المرض أو في العلاج" (٤)، إلا أن العلاج النفسي في القرن الرابع عشر/ العشرين بدأ يبتعد عن


(١) انظر: المرجع السابق ص ٥٣.
(٢) انظر: نحو وجهة إسلامية لعلم النفس، أ. د. فؤاد أبو حطب ص ١٣٩ - ١٤٠، من أبحاث ندوة علم النفس، المعهد العالمي للفكر الإِسلامي.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ١٤٧ - ١٤٨.
(٤) في فلسفة الطب ص ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>