للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا في الجانب الجسمي، "والأمر في الأمراض النفسية أشد وضوحًا، فقد ذهب كارل يونس إلى أن أكثر من نصف مرضاه بعد منتصف العمر كان الدين عاملًا مؤثرًا في شفائهم. وهكذا تبنى الطب المعاصر مقولات فلسفية كانت طابع الطب القديم تتلخص فيما يلي:

١ - الصلة العضوية بين النفس والجسم.

٢ - الطب الإيكولوجي بالاعتراف بأثر البيئة الطبيعية والاجتماعية على صحة الإنسان.

٣ - الاعتراف بأثر الجانب المعنوي ممثلًا في الدين ودوره في الشفاء" (١).

وإذا كانت الكتابات الفكرية لا تصرح بأثر الدين عمومًا والطب النبوي خصوصًا في الشفاء، فإن الطب الإِسلامي يتجاوز هذا التلميح الخجول إلى التصريح بدوره ومكانته الحقيقية، ومن ذلك أثر الرقية: ويرى الدقر أن أثر الرقية الحسنة تكون بأحد أمرين: الإيحاء الذي يرفع معنويات المريض، والطب الحديث يُقرّ بدور الإيحاء، والأمر الثاني: المعونة الإلهية بإجابته سبحانه دعوة المضطر، وكلما حسنت صلة العبد بربه كانت له من الأدوية غير ما يجده من لم تكن له تلك الصلة، وهذا باب اعترف به حتى بعض عقلاء الغرب حيث قال أحدهم: "دلت الإحصائيات أن ٨٠% من المرضى في جميع المدن الأمريكية، ترجع أمراضهم إلى حد كبير إلى مسببات نفسية وعصبية. ومما يؤسف له أن كثيرًا ممن يشتغلون بالعلاج النفسي يفشلون؛ لأنهم لا يلجؤون إلى بث الإيمان بالله في نفوس المرضى مع أن الأديان جاءت لتحريرنا من هذه الاضطرابات. ." (٢).

ثالثًا: وقد كان من آثارها أيضًا التسلط على جسد الإنسان، كما تم التسلط على الطبيعة، حيث كان هدف المنهج العلمي بغلوه المادي السيطرة على الطبيعة، ثم تجاوز ذلك إلى التدخل في طبيعة الإنسان الداخلية، وأداء أعضائه


(١) في فلسفة الطب ص ٤٩.
(٢) انظر: روائع الطب الإِسلامي، الجزء الأول: القسم العلاجي، د. محمَّد الدقر ص ٣٠٣ - ٣٠٥ وما بين القوسين ص ٣٠٥، وانظر كلام ابن القيم حول هذا الموضوع: زاد المعاد ٤/ ١٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>