للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى، فالشيوعية مبنية على المادية، وقد أسست ماديتها على صورة العلم في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر -آلية نيوتن وتطورية داروين المادية وغيرها كما سبق الحديث عنها-؛ ولذا فلن تقبل بنظرية تقوّض هذا المعتقد المادي حتى وإن جاء من دائرة العلم (١).

أكتفي بالإشارة السابقة؛ لأن المقصود بيان مدى اتساع التفاعل الغربي مع "النظرية النسبية" إحدى أشهر نظريات القرن، وأنتقل إلى ثاني أشهر نظرية علمية في هذا القرن وهي "نظرية الكم".

[ج- اكتشاف الذرة ومولد نظرية الكم]

رأينا فيما سبق أثر تجربة واحدة قام بها كل من "مايكلسون ومورلي" أدت إلى إزاحة مفهوم الأثير عن دائرة العلم، ورغم كونها تجربة محدودة، إلا أنها شكلت منعطفًا في تاريخ العلم عامة والفيزياء خاصة، ومع سقوط هذا المفهوم سقطت معه مفاهيم كبيرة كانت مرتبطة بالفيزياء النيوتنية بما في ذلك مذاهب فلسفية وفكرية بنت مبادئها على تلك المفاهيم. وليس من السرّ أن نرى بعض المذاهب المادية تستميت في الدفاع عن مفهوم الأثير حتى في القرن الرابع عشر/ العشرين رغم أن التجربة كانت في النصف الثاني من القرن الثالث عشر/ التاسع عشر (١٨٨٧ م)، ونجد اتفاق المفكرين والكتاب السوفييت على تخطئة النظرية النسبية لقبولها بنتيجة التجربة الموجعة لهم وتخليها عن فرض الأثير، وهو العمود الفقري لكل الفلسفات المادية (٢).

ومن طرائف الأمور بأن صاحِبَي التجربة كان هدفهما إثبات وجود الأثير؛ لأن نيوتن الذي أقام نسقه الفيزيائي على الأثير لم يستطع إثبات وجوده، وبقي في حيرة من أمره. فجاءا بتجربة في وقت كانا من أنصار فرض الأثير ولكن التجربة خيبت آمالهما، وكان إعلان نتيجة التجربة بمثابة الصاعقة التي نزلت بعلماء القرن (١٣ هـ -١٩ م) كما صورها أكثر من كاتب (٣). ويبقى الأمر الملفت


(١) انظر: فلسفة العلم، بدوي ص ٢٦٢ - ٢٦٤، وانظر: فلسفة العلم في فيزياء أينشتين. . . .، د. عادل عوض ص ٢٧٦ - ٢٨١.
(٢) انظر: فلسفة العلوم، بدوي ص ٢٦٤.
(٣) كان القصد من التجربة إثبات "الأثير"؛ لأن أصحاب التجربة ممن كان يعتقد بهذا الفرض =

<<  <  ج: ص:  >  >>