للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأساس الذي تقوم عليه بقية الموضوعات أصبح ماركسيًا، فما حاله إلا كحال من خرج من حفرة ليقع في أخرى، فليست الرؤية المادية بأحسن حالًا من أختها، ولكن الرجل بحسب انتمائه للتغريب لا يجد مفرًا من الانتماء لأحد تياراته.

[نموذج موسع للتلاعب المنهجي]

أقف الآن مع شخصيتين تتحركان في هذا الفضاء الفكري العام، المستند إلى العلمية والموضوعية والمنهجية، وهما الدكتور حسن حنفي، والدكتور محمَّد أركون، وهما يتشاركان في قضايا، منها دعوتهما تجاوز المنهجية الاستشراقية والمنهجية التراثية، بعد أن ألحقا بها نقائص عدّة، وذاك صحيح في الاستشراقية، ومنها دعوتهما إلى التعامل مع نصوص الوحي بجرأة ودون تقديس أو تنزيه، ومنها اعتمادهما على مدارس تفسيرية وتأويلية ونقدية حديثة ومعاصرة وذاك في تعاملهما مع النص الديني.

وقد سبق لي بحث ذلك بشيء من التوسع في بحث الماجستير، والذي كان بعنوان "موقف الاتجاه الفلسفي المعاصر من النص الشرعي"؛ ومن ذاك الوقت وأنا أتابع نشاطهما السيئ، وقد تنوع نشاطهما في ذلك، وأقف هنا مع خلاصة موقفهما حول طرق الاستدلال:

[أ- حسن حنفي]

أشهر موضع عبر فيه "حسن حنفي" عن منهجيته هو كتابه "التراث والتجديد"، وأشهر موضع عرض فيه معرفته بتلك المنهجيات التي يتعامل بها مع النص الديني كان في مقدمة ترجمته لكتاب "رسالة في اللاهوت والسياسة" لإسبينوزا، وأشهر التطبيقات له قدمها في كتابه "من العقيدة إلى الثورة" وفي رسالته الدكتوراه في أصول الفقه.

وهذه المادة الطويلة تحتاج لرسالة مستقلة، وأكتفي هنا بذكر خطوط عريضة في الموضوع، تكشف الأزمة المنهجية عند حنفي، وخطورة ما وصل إليه من مواقف.

تعد المقدمة الطويلة التي وضعها لكتاب إسبينوزا محققة للغرض حول المنهجية التي يأمل بها وبرزت فعلًا في كتبه، وفيه نطلع على تنوع المدارس التي

<<  <  ج: ص:  >  >>