للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاختلاف بينهم وبينه: اعتراضه على الدور العظيم الذي جعله فرويد للجنس وعلى موقف فرويد من الدين.

وكون النظرية العلمية قد جاءت من يهودي لا يضيرها، فالعلم الدنيوي قد يأتي من أي إنسان، وهو مما أعطاه الله لكل الخلق دون استثناء، فقد تظهر تلك المعارف من يهودي أو نصراني أو مشرك أو ملحد، ولكن الإشكال معها ومع غيرها من النظريات العلمية يتمثل في الآتي: هل كان ليهودية اليهودي أثر في انحراف تلك النظريات عن مسارها؟

يمكن التأكد من ذلك بالوقوف مع قضيتين؛ الأولى: بحث الصلات القائمة بين النظرية العلمية ومعتقدات صاحبها، وفي نموذجنا هذا سيكون البحث عن العلاقة بين النظرية الفرويدية والديانة اليهودية، والثانية: عن أثر النظرية أو إيحاءاتها في إفساد الدين والقيم.

يتم التحليل إذًا على مستويين، مستوى التأكد من المصادر ومستوى النظر عن أثرها في إفساد الدين والإيمان والقيم، ودائمًا نذكر بأن هدف البحث هو النظر في أسباب الانحراف بالعلم وليس أسباب تقدمه؛ لأن مسيرة العلم ونظرياته تحوي هذا وذاك.

[١ - علاقة الفرويدية باليهودية وكتبها المقدسة]

اليهودية هي ديانة محرفة يتبع أهلها النبي موسى عليه الصلاة والسلام وكتابهم هو التوراة، ولكن اليهود بعد ذهاب نبيهم انحرفوا انحرافًا كبيرًا، وحرفوا كثيرًا في كتبهم وأضافوا عليها، وكتبهم هي: "التوراة والأسفار الملحقة والتلمود"، وببعثة نبي الإِسلام محمد - صلى الله عليه وسلم - انكشف لنا من انحرافاتهم وتحريفاتهم الشيء الكثير، على مستوى العقيدة وعلى مستوى الشريعة، وظهر انهماكهم على الدنيا والاستحلال للمحرمات لاسيّما مع الأميين، قال -تعالى-: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)} [آل عمران: ٧٥].

وقد ابتدأ الظهور الحديث لليهود في أوروبا بالنقد القاسي الذي قام به "إسبينوزا" -كما سبق أول المبحث- مما فتح لعلاقة جديدة لليهود مع تراثهم

<<  <  ج: ص:  >  >>