للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأسطوريتها على أنها وردت في اليهودية أو النصرانية، فمنهم من يسكت على ذلك، وموقفه خطير؛ لأنه يلبس على القارئ، والأصل في قضايا الغيب وجود مرجعية غيبية نصحح بها ما نجده عند الأمم الأخرى، ومن ذلك ما يذكره د. عبد الهادي عبد الرحمن خلال نقده لليهودية، فيقول: "اقرأ أي قصة مفصلية في العهد القديم، ولتكن قصة الخلق، آدم وحواء، الطوفان، الخروج. . . . إلخ، وحاول أن تقرأها بأصولها البابلية الآشورية أو الرافدية، وبأصولها المصرية أو السورية، ستجد أنها جميعًا إعادات إنتاج للأساطير المجاورة. . . . " (١). فأصل هذه الأمور حق، أما ما حدث في كُتب أهل الكتاب فذاك من التحريف الذي نعرفه ليس بالرجوع فقط للأساطير المذكورة بل بالرجوع للوحي الثابت، فما وجدناه في الكتاب والسنة عرفنا صحته وما لم نجده مع مخالفة لما في الكتاب والسنة عرفنا بطلانه، والمسكوت عنه في الوحي قد أُذن في شرعنا بذكره دون تصديقه أو تكذيبه، ولكن أهل التغرب يتملصون من ذلك، وقد جمع تركي الربيعو دراسات كثيرة لعدد من اليساريين العرب مثل النموذج السابق وذكر حول بعضها أنها وإن لم تُدخل الإِسلام صراحة فقد أدخلته ضمنًا (٢)، وإن كان الربيعو نفسه لا يبتعد عنهم كثيرًا، فهو ينظر للأسطورة بحسب المفهوم الأخير عنها، الذي يُبقي الدين ضمن الأسطورة بحقائق غيبية غير حقيقية ولكنها مهمة (٣).

وفي نهاية هذه الفقرة أقدم نماذج تغريبية انحرفت في باب الغيب:

[المثال الأول: لويس عوض]

اعتناق أفكارٍ تكْفرُ بهذا الغيب، وفي ذلك يقول أحد المتغربين: "وكنت. . . . أربي تلاميذي في الجامعة على. . . . المذهب الإنساني. . . . على أساس اشتراكية القرن العشرين. . . . وأحطم أمامهم المقدسات المزيفة القائمة على الغيبيات أو وليدة الخوف أو التقليد" (٤)، وصاحب الكلام متعصب للعلمانية


(١) عرش المقدس. . . . د. عبد الهادي عبد الرحمن ص ٤٠.
(٢) انظر: أزمة الخطاب التقدمي. . . .، تركي الربيعو ص ٨٦.
(٣) انظر: أزمة الخطاب التقدمي ص ٩٣، وانظر: الشخصية العربية الإِسلامية. . . .، د. هشام جعيط ص ١٢١ - ١٢٧.
(٤) العنقاء. . . .، د. لويس عوض ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>