يُعد الاستعمار من أخطر الأحداث التي عصفت بالعالم الإِسلامي في عصره الحديث، بدأت بوادره من الدول القوية داخل أوروبا كإنجلترا وفرنسا وهولندا، وأتت أولى محاولاتهم مع الهند المسلمة من قبل الإِنجليز ثم عدن، أما فرنسا فبدأت مغامرتها في مصر ثم توجهت لبلاد المغرب لتبدأ بالجزائر ثم تواصل من هناك. وتقوم إنجلترا وفرنسا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بالاستعداد الجدي للاستيلاء على بلدان العالم الإِسلامي، وكان افتتاح ذلك باحتلال مصر سنة (١٨٨٢ م) ليصل في نهاية الحرب العالمية الأولى باقتسام بلاد العالم الإِسلامي بين الدولتين الكبيرتين بريطانيا وفرنسا، والمؤسف أن المسلمين قد ساعدوا البريطانيين في ضرب الدولة العثمانية، ثم ساعدوهم في احتلال فلسطين التي قد كانت من نصيب اليهود بحسب وعد "بلفور"(١).
لن يمرّ هذا الحدث الخطير دون آثار، فقد طال مكثه في بعض بلدان المسلمين لأكثر من قرن، هو صاحب الأمر والنهي، ولكن هذه الأمة فيها خير، وقوة ولن ترضى كغيرها بالاستعمار عندها بدأت معارك التحرير وجهاد المحتلين لتكون هي الشغل الشاغل لقيادات المجتمع الإِسلامي، وتعطلت بقية المهام الأخرى أو تأجلت إلى التحرير واستعادة السيادة الإِسلامية على البلاد المسلوبة.
(١) انظر: عن الاستعمار الحديث: حاضر العالم الإسلامي. . . .، د. جميل المصري ١/ ٨٧، وما بعدها، وحول مساعدة المستعمرين وفقدان فلسطين، انظر: المؤامرة الكبري على بلاد الشام. .، محمَّد الخالدي ص ١٨٢ وما بعدها، وانظر: موسوعة أنور الجندي ٣/ ٢٨٩.