المشروعات في تلك المرحلة قلّة، فمن تمكن من توجيه تلك القلة تمكن من بذر ما يشاء داخل مشروعاتنا، وكان يمكن قيام مشروع التحديث دون الارتطام بتلك الفكرة السيمونية وأمثالها، ولكن ذلك يتطلب من المسلمين قوة دينية وعلمية وفكرية وسياسية تجعلهم قادرين على توجيه دفة التحديث بما يناسب هويتنا، وهو ما كنا نفتقده في تلك المرحلة، مما سمح لناشطي التيارات الفكرية بوضعنا ضمن حقل تجاربهم، وضمن مجال دعوتهم.
مما سبق يظهر دور الماسونية والسيمونية في الانحراف بمسيرة العلوم العصرية، حيث كان لهم مشاركة مهمة أول دخولها للعالم الإِسلامي، ومن أخطر ما أسهموا به تعميق مشكلة علمنة العلوم العصرية، وتحويلها لأداة في مشروعاتهم الفكرية، وأخطر تلك المشروعات هدم الدين أو إقصاؤه وإهمال العناية به. فيتحول العلم معهم من علم نافع للأمة إلى علم خطير عليها، وزاد من السوء قلة من يدير وضع العلم العصري، وقد يسر لهم ذلك إمكانية التوجيه والتأثير.