للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العلم لا يستطيع الإحاطة بالجوانب المعرفية ذات الطبيعة الأخلاقية أو الجمالية أو الدينية، أو الروحية بشكل عام. كما أن -دعوى- لامحدودية قدرته أمر لا يتسق مع الواقع"، وما إن يظهر أحد من غلاة العلموية حتى يجد من يرد عليه ويبطل غلوه (١)، كما أن التقدم العلمي ذاته عندما ابتعد عن الدين انقلب عكس ما يريدون (٢).

[مناقشة دعوى كفاية العلم وشموليته]

تحليل هذه الدعوى يكشف وهمها وزيفها ويكشف خطرها، كما يكشف الثغرات التي فيها، ويكشف زخرفها الكاذب {زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا} [الأنعام: ١١٢]، فماذا يُقصد بكفاية العلم وشموليته عند دعاة العلموية؟

١ - إما أنه شارك في كل باب ومن ذلك الأبواب التي غطاها الدين.

٢ - أو أنه قد كفى في كل باب.

أما دخوله كل مجال ومشاركته في أغلب أبوابها فأمر وارد، ولكن ليس كل مشارك للدين في موضوعاته تكون مشاركته صحيحه ونافعة، فإن كل الفلسفات والوثنيات والأديان الباطلة والأيديولوجيات العقلية قد شاركت وبحثت بشكل شمولي لأغلب القضايا وقدمت إجاباتها لأغلب الأسئلة الإنسانية، ولكن هل كانت مشاركتها صحيحة؟

ثم هل هي مع هذه المشاركة قد كفت الناس وشملت حاجتهم، وأفادتهم؟ في أكثر المزاعم في هذا الباب. ولكن بالعودة إلى عقلاء العالم، ولاسيّما طائفة من العلماء تجدهم يعترفون بعدم كفاية العلم، إلا أن عيشهم في حضارة علمانية وانتماءَهم لدين محرف جعلهم يحتارون في ذكر البديل أو ذكر الأصل العام الذي يحتوي الحياة ويوجهها.

فمشاركة العلم إذًا لكل مجالات الحياة لا تعني الصحة فضلًا عن دعوى الكفاية، والإنسان كما يقول -سيد قطب- محدود في الزمان والمكان


(١) إلا العلم يا مولاي، د. أحمد شوقي ص ١٧ والكلمة الاعتراضية من الباحث.
(٢) من بين الكتب التي تكشف الوجه الآخر للتقدم العلمي، وهو وجه قبيح يعيده المسلم للبعد عن الدين، نجد كتابًا مهمًا من شهاداتهم بأنفسهم هو: خدعة التكنولوجيا، جاك الول، ترجمة د. فاطمة نصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>