للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج نظريته في كتابه: "أصل الأنواع" عام (١٨٥٩ م)، وبقي بعده ربع قرن يدافع عن نظريته ويزيدها دراسة وشواهد، وهو لم يصنف كتبًا كثيرة يشابه في ذلك سلفه الإِنجليزي نيوتن، فقد كانا لا يخرجان كتبهما إلا بعد زمن طويل (١).

وهو في كتابه: "أصل الأنواع" يناقش ما أصل أنواع الكائنات الحية الموجودة؟ هل ترجع إلى أصل واحد أم إلى أصول مختلفة؟ وكيف توجد حيوانات متشابهة في النوع لكنها تختلف صفاتها بحسب البيئة التي تكون فيها؟ مما دفعه إلى القول بأن الطبيعة المحيطة تؤثر في الكائنات الحية، ثم وصل إلى افتراض أن كل الكائنات الحية أصلها من خلية واحدة، وأن الطبيعة أوجدت الحياة فيها صدفة، إلى غير ذلك (٢).

ومن المعلوم بأن نظرية داروين في إطارها العلمي حدث لها تغيّرات كبيرة، إما من داخل أتباعها مع الدارونية الجديدة ومن بعدهم أو مع علماء البيولوجيا من خارج الدارونيين، ولكن "داروين" يبقى عند الجميع من أهم علماء البيولوجيا في العصر الحديث، ويبقى في الدراسات الحديثة من أهم العلماء في تاريخ العلم الحديث مما يجعله في مصاف كوبرنيكوس وجاليليو ونيوتن، وهذه المكانة البارزة لداروين تجعل الفتنة به كبيرة وقبول نظريته بآثارها سائغًا عند المعجبين به، فإذا عرفنا عصر الصراع مع الدين وبناء النظام اللاديني والتحول إلى المادية أدركنا مدى ما سيختلط بها، ويزيد الباب سوءًا ميل داروين المادي واتجاهه نحو دائرة اللا أدرية ليجعلها عقيدته الأساسية (٣).

[ج- من إشكاليات النظرية الدارونية في مفهوم العلم]

فإذا تركنا جانب الفرضيات فيها وما يختص بالمسائل العلمية لعلماء الأحياء/ البيولوجيا وغيرهم ونظرنا إلى ما تحويه من إشكالات خارج إطارها العلمي ويؤثر في الرؤية العلمية ويؤثر في تصور الناس عن العلم فسنجد بعض المشكلات، منها:

أولًا: إعطاء الطبيعة القول الفصل في الإيجاد والتأثير والتغيير ورفض


(١) انظر: تاريخ الفلسفة الحديثة، كرم ص ٣٥١.
(٢) انظر عرضًا لها في: الدارونية والإنسان. . . .، د. صلاح عثمان ص ٣٧ وما بعدها.
(٣) موسوعة الفلسفة، عبد الرحمن بدوي ١/ ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>