للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح، بل كل منهما يصدق الآخر ويؤيده" (١).

٢ - السعي إلى التأصيل الإِسلامي لهذه العلوم:

لمس الشيخ هذا المعنى في أكثر من موضع ولاسيما المقدمة، ومما قال: "واعلم أن الشريعة الغراء لم ترد باستيعاب قواعد العلوم الرياضية، إنما وردت بما يستوجب سعادة المكلفين في العاجل والآجل، وبيان ما يتوصلون به إلى الفوز بالنعيم المقيم إلى أن قال: "وقد ورد في القرآن الكريم -في بيان ذلك- بما خاطب به العرب، مما يعلمونه من علوم تلقوها خلفًا عن سلف. فقد كانت لهم علوم ذكرناها في الكتاب الذي ألفناه في بيان أحوالهم، كما كان لعقلائهم اعتناء بمكارم الأخلاق واتصاف بمحاسن الشيم، فصححت الشريعة منها ما هو صحيح وزادت عليه، وأبطلت ما هو باطل قبيح، وبينت منافع ما ينفع من ذلك ومضارّ ما يضر منه" (٢). ثم ذكر طريقة الشريعة في علمين من علوم الهيئة كانت معروفة عند العرب: "علم النجوم وعلم الأنواء" (٣). وهذا الأمر الذي جاءت به الشريعة مع علم معروف آنذاك هو موطن الاقتداء في التأصيل الإِسلامي، فتصحيح الشريعة لما هو صحيح هو من الدعم والتأييد لهذا العلم وكذا بيان منافعها وتوجيه الناس لها، وفي المقابل إبطال ما هو باطل منها وتحذير الناس من مضارها هو من دفع الناس إلى النافع وترك الضارّ.

كانت هذه صورة من جهود عالم من علماء الإِسلام حول ميدان من ميادين العلوم البشرية، فما منعه منزلته في العلم من خوض هذا الباب بعد أن وجد أثر الشبهات على الناس، كما أنه يفتح الباب لموقف جديد يختلف عن الموقف السلبي أو الاستسلامي ألا وهو التأصيل الإِسلامي. ونذهب الآن مع علم آخر من علماء السلفية في هذا القرن وهو:


(١) ما دل عليه القرآن. . . . ص ١٢.
(٢) المرجع السابق ص ١٢ - ١٣.
(٣) انظر: المرجع السابق ص ١٣ - ١٤، وكتابه حول العرب هو: (بلوغ الأرب في أحوال العرب) كتاب مشهور في ثلاث مجلدات، انظر: محمود شكري الألوسي. سيرته ودراساته اللغوية ص ٦٦ - ٧٤، ١١٤، محمَّد بهجة الأثري.

<<  <  ج: ص:  >  >>