للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: المدرسة الحديثة ومدارس الأقليات

كان من أهم أهداف "المدرسة الحديثة" التي ظهرت في القرن الثالث عشر/ التاسع عشر هو طلب العلوم العصرية، حتى إنها -تلك العلوم- تكاد تكون الهدف الأساسي وعند البعض الوحيد. لقد عُرض الكثير من التجارب في الفصل السابق، تجربة الدولة العثمانية ووالي مصر وتجارب الهند والمغرب وغيرها. كانت بداية التجارب بفتح معاهد متخصصة لدراسة تلك العلوم، أغلبها كان بإدارة الأجانب، ولاسيّما الفرنسيين، وصاحب ذلك انتشار نموذج مواز لمدارس الولاة يهتم بهذه العلوم، وهو "المدارس الأجنبية" التي غزت البلاد الإسلامية آنذاك مع الإرساليات التنصيرية، حيث كانت المدرسة والعيادة والمطبعة والصحافة من أهم ما استثمرته تلك الإرساليات أول دخولها الحديث إلى بلاد المسلمين، وشارك الإرساليات قوى غربية لا دينية تطمح في احتلال بلاد المسلمين؛ لأن الدول الغربية (١) ما طمعت في الاستيلاء على بلد إلا وسبقت إليها بافتتاح المدارس، فتُهيئ الجيل الجديد لقبول الاستعمار، فالدخول بغطاء المدرسة وتعليم العلوم العصرية يخفف المعارضة لها ويُسهل قبول المجتمع بها.

وُلدت "المدرسة الحديثة" والتى ستصبح النموذج الأهم للتعليم في ظل ظروف صعبة، إما ولاة يطمعون بالقوة والسلطة وأوكلوا أمرها للأجانب، أو مدارس الإرساليات وطلائع الاستعمار بإدارة أجنبية مستقلة تمامًا، النموذج الأول


(١) انظر: الفكر التربوي العربي الحديث، د. سعيد إسماعيل ص ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>